(٧٧) سورة المرسلات
لم ترد لها تسمية صريحة عن النبي - ﷺ - بأن يضاف لفظ سورة إلى جملتها الأولى.
وسميت في عهد الصحابة سورة "والمرسلات عرفا" ففي حديث عبد الله بن مسعود في "الصحيحين" قال: "بينما نحن مع رسول الله - ﷺ - في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة والمرسلات عرفا فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ خرجت علينا حية" الحديث.
وفي "الصحيح" عن ابن عباس قال: قرأت سورة والمرسلات عرفا فسمعتني أم الفضل امرأة العباس فبكت وقالت: بني أذكرتني بقرائتك هذه السورة أنها لآخر ما سمعت رسول الله - ﷺ - يقرأ بها في صلاة المغرب.
وسميت "سورة المرسلات"، روى أبو داود عن ابن مسعود "كان النبي - ﷺ - يقرأ النظائر السورتين في ركعة الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة" ثم قال وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة فجعل هذه الألفاظ بدلا من قوله السورتين وسماها المرسلات لأن الواو التي في كلامه واو العطف مثل أخواتها في كلامه.
واشتهرت في المصاحف باسم "المرسلات" وكذلك في التفاسير وفي " صحيح البخاري".
وذكر الخفاجي وسعد الله الشهير بسعدي في "حاشيتيهما" على البيضاوي أنها تسمى "سورة العرف" ولم يسنداه، ولم يذكرها صاحب "الإتقان" في عداد السور ذات أكثر من اسم.
وفي "الإتقان" عن "كتاب ابن الضريس" عن ابن عباس في عد السور التي نزلت بمكة فذكرها باسم المرسلات. وفيه عن "دلائل النبوة" للبيهقي عن عكرمة والحسن في عد السور التي نزلت بمكة فذكرها باسم المرسلات.
وهي مكية عند جمهور المفسرين من السلف، وذلك ظاهر حديث ابن مسعود المذكور آنفا، وهو يقتضي أنها من أوائل سور القرآن نزولا لأنها نزلت والنبي - ﷺ - مختف في غار بمنى مع بعض أصحابه.
وعن ابن عباس وقتادة: أن آية ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] مدنية نزلت في المنافقين، ومحمل ذلك أنه تأويل ممن رواه عنه نظرا إلى أن الكفار الصرحاء لا يؤمرن بالصلاة، وليس في ذلك حجة لكون الآية مدنية فإن الضمير في قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾ [المرسلات: ٤٨] وارد على طريقة الضمائر قبله وكلها عائدة إلى الكفار وهم المشركون. ومعنى ﴿قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا﴾ : كناية عن أن يقال لهم أسلموا. ونظيره قوله تعالى: ﴿وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم: ٤٣] فهي في المشركين وقوله: ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ إلى قوله: ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المدثر: ٤٣٤٦].


الصفحة التالية
Icon