(٨١) سورة التكوير
لم يثبت عن النبي - ﷺ - أنه سماها تسمية صريحة. وفي حديث الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ - "من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت". وليس هذا صريحا في التسمية لأن صفة يوم القيامة في جميع هذه السورة بل هو في الآيات الأول منها، فتعين أن المعنى: فليقرأ هذه الآيات، وعنونت في "صحيح البخاري" وفي "جامع الترمذي" "سورة إذا الشمس كورت"، وكذلك عنونها الطبري.
وأكثر التفاسير يسمونها "سورة التكوير" وكذلك تسميتها في المصاحف وهو اختصار لمدلول "كورت".
وتسمى "سورة كورت" تسمية بحكاية لفظ وقع فيها. ولم يعدها في "الإتقان" مع السور التي لها أكثر من اسم.
وهي مكية بالاتفاق.
وهي معدودة السابعة في عداد نزول سور القرآن، نزلت بعد سورة الفاتحة وقبل سورة الأعلى.
وعدد آيها تسع وعشرون.
أغراضها
اشتملت على تحقيق الجزاء صريحا.
وعلى إثبات البعث وابتدىء بوصف الأهوال التي تتقدمه وأنتقل إلى وصف أهوال تقع عقبه.
وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذبوا به لأنه أوعدهم بالبعث زيادة لتحقيق وقوع البحث إذ رموا النبي - ﷺ - بالجنون والقرآن بأنه يأتيه به شيطان. (١)
مناسبتها لما قبلها
جاء فى سورة « عبس » عرض ليوم القيامة، وللعذاب الشديد الذي يحيط بالكافرين، حتى ليفر الكافر من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه.. وقد جاءت سورة « التكوير » بعدها، عارضة المشاهد التي تسبق هذا اليوم، لتخرح بالمشركين وراء دائرة العذاب قليلا، ليلقوا نظرة على الحياة الدنيا، التي كانوا فيها، والتي يودون الفرار إليها.. فهل إذا أتيحت لهم فرصة الفرار من هذا العذاب، وعادوا إلى الدنيا، أيصلحون ما أفسدوا من حياتهم ؟ أيؤمنون بهذا اليوم، وما يلقى الكافرون فيه ؟ وإنهم لفى هذا اليوم

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ١٢٣)


الصفحة التالية
Icon