(٩٠) سورة البلد
سميت هذه السورة في ترجمتها عن "صحيح البخاري" "سورة لا أقسم" وسميت في المصاحف وكتب التفسير "سورة البلد". وهو إما على حكاية اللفظ الواقع في أولها لإرادة البلد المعروف وهو مكة.
وهي مكية وحكى الزمخشري والقرطبي الاتفاق عليه واقتصر عليه معظم المفسرين وحكى ابن عطية عن قوم: أنها مدنية. ولعل هذا قول من فسر قوله: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ٢] أن الحل الإذن له في القتال يوم الفتح وحمل ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ﴾ على معنى: وأنت الآن حل، وهو يرجع إلى ما روى القرطبي عن السدي وأبي صالح وعزي لابن عباس. وقد أشار في "الكشاف" إلى إبطاله بأن السورة نزلت بمكة بالاتفاق، وفي رده بذلك مصادرة، فالوجه أن يورد بأن في قوله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ إلى قوله: ﴿فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ [البلد: ٥-١١] ضمائر غيبة يتعين عودها إلى الإنسان في قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ [البلد: ٤] وإلا لخلت الضمائر عن معاد. وحكى في الإتقان قولا أنها مدنية إلا الآيات الأربع من أولها.
وقد عدت الخامسة والثلاثين في عدد نزول السور، نزلت بعد سورة ق وقبل سورة الطارق.
وعدد آيها عشرون آية.
أغراضها
حوت من الأغراض التنويه بمكة. وبمقام النبي - ﷺ - بها. وبركته فيها وعلى أهلها.
والتنويه بأسلاف النبي - ﷺ - من سكانها الذين كانوا من الأنبياء مثل إبراهيم وإسماعيل أو من أتباع الحنيفية مثل عدنان ومضر كما سيأتي.
والتخلص إلى ذم سيرة أهل الشرك. وإنكارهم البعث. وما كانوا عليه من التفاخر المبالغ فيه، وما أهملوه من شكر النعمة على الحواس، ونعمة النطق، ونعمة الفكر، ونعمة الإرشاد فلم يشكروا ذلك بالبذل في سبل الخير وما فرطوا فيه من خصال الإيمان وأخلاقه.
ووعيد الكافرين وبشارة الموقنين. (١)
مناسبتها لما قبلها
الإنسان الذي ابتلاه اللّه فأكرمه ونعمه، فلم يحمد اللّه، ولم يشكر له فضله وإحسانه، والإنسان الذي قدر اللّه عليه رزقه، فساء ظنّه باللّه، وغيّر موقفه منه ـ هذا الإنسان ـ فى حاليه اللذين عرضتهما