(١٠٠) سورة العاديات
سميت في المصاحف القيروانية العتيقة والتونسية والمشرقية "سورة العاديات" بدون واو، وكذلك في بعض التفاسير فهي تسمية لما ذكر فيها دون حكاية لفظه. وسميت في بعض كتب التفسير "سورة والعاديات" بإثبات الواو.
واختلف فيها فقال ابن مسعود وجابر بن زيد وعطاء والحسن وعكرمة: هي مكية. وقال أنس بن مالك وابن عباس وقتادة: هي مدنية.
وعدت الرابعة عشرة في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد على أنها مكية نزلت بعد سورة العصر وقبل سورة الكوثر. وآيها إحدى عشرة.
ذكر الواحدي في "أسباب النزول" عن مقاتل وعن غيره أن رسول الله - ﷺ - بعث خيلا سرية إلى بني كنانة وأمر عليها المنذر بن عمرو انصاري فأسهبت أي أمعنت في سهب وهي الأرض الواسعة شهرا وتأخر خيرهم فارجف المنافقون وقالوا: قتلوا جميعا، فأخبر الله عنهم بقوله: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ [العاديات: ١] الآيات، إعلاما بأن خيلهم قد فعلت جميع ما في تلك الآيات.
وهذا الحديث قال في "الإتقان" رواه الحاكم وغيره. وقال أبن كثير: روى أبو بكر البزاز هنا حديثا غريبا جدا وساق الحديث قريبا مما للواحدي.
وأقول غرابة الحديث لا تناكد قبوله وهو مروي عن ثقات إلا أن في سنده حفص بن جميع وهو ضعيف. فالراجع أن السورة مدنية.
أغراضها
ذم خصال تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصال غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذير المسلمين منها.
ووعظ الناس بأن وراءهم حسابا على أعمالهم بعد الموت ليتذكره المؤمن ويهدد به الجاحد. وأكد ذلك كله بأن افتتح بالقسم، وأدمج في القسم التنويه بخيل الغزاة أو رواحل الحجيج (١).
مناسبتها لما قبلها
الزلزلة التي تزلزلها الأرض يوم البعث، وإخراج الأرض أثقالها وما فى جوفها من الموتى، وصدور الناس أشتاتا من القبور إلى موقف الحشر، والمواجهة هناك بين الكافرين والمؤمنين ـ كل هذا تمثله صورة واقعة