(١١١) سورة المسد
سميت هذه السورة في أكثر المصاحف ( سورة تبَّت ) وكذلك عنونها الترمذي في ( جامعه ) وفي أكثر كتب التفسير، تسمية لها بأول كلمة فيها.
وسميت في بعض المصاحف وبعض التفاسير ( سورة المَسَد ). واقتصر في ( الإِتقان ) على هذين.
وسماها جمع من المفسرين ( سورة أبي لهب ) على تقدير : سورة ذِكْر أبي لهب. وعنونها أبو حيان في ( تفسيره ) ( سورة اللهب ) ولم أره لغيره.
وعنونها ابن العربي في ( أحكام القرآن ) ( سورة ما كان من أبي لهب ) وهو عنوان وليس باسم. وهي مكية بالاتفاق. وعدّت السادسة من السور نزولاً، نزلت بعد سورة الفاتحة وقبل سورة التكوير. وعدد آيها خمس.
روي أن نزولها كان في السنة الرابعة من البعثة. وسبب نزولها على ما في ( الصحيحين ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ صَعِدَ النَّبِىُّ - ﷺ - الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ « يَا صَبَاحَاهْ » فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِى ». قَالُوا بَلَى. قَالَ « فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ ). (١)
ووقع في ( الصحيحين ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ « يَا صَبَاحَاهْ ». فَقَالُوا مَنْ هَذَا، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ « أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ ». قَالُوا مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ « فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ». قَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ ( تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٢).
ومعلوم أن آية :( وأنذر عشيرتك الأقربين ( من سورة الشعراء، وهي متأخرة النزول عن سورة تبت، وتأويل ذلك أن آية تشبه آية سورة الشعراء نزلت قبل سورة أبي لهب لما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) صَعِدَ النَّبِىُّ - ﷺ - عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِى « يَا بَنِى فِهْرٍ، يَا بَنِى عَدِىٍّ ». لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ
(٢) - - صحيح البخارى (٤٩٧١ )