والمنسوخ: (وَإِن تُبدوا ما في أَنفُسِكُم أضو تَخفوهُ يُحاسِبكُم بِهِ اللَه).
الآية.
اختلف المفسرون في معناها: فروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن الله يخبر الخلق يوم القيامة بما عملوا في الدنيا سرا وجهرا، فيغفر للمؤمنين ما أسروا، ويعذب الكافرين.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هي عموم في سائر أهل القيامة.
وقال المحققون: لما نزلت هذه الآية فشق نزولها عليهم، وقالوا: إنه يجول الأمر في نفوسنا؟ لو سقطنا من السماء إلى الأرض لكان ذلك أهو علينا.
وقال المسلمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نطيق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا كما قالت اليهود سمعنا وعصينا، ولكن قولوا: سمعنا وأطعنا). فلما علم الله سبحانه وتعالى تسليمهم لأمره، فنزلت: (لا يُكَلِّفُ اللَهُ نَفساً إِلّا وُسعَها).
الآية الثلاثون: قوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَهَ نَفساً إِلّا وُسعَها).
علم الله تعالى ذكره أن الوسع لا يطاق، فخفف الوسع بقوله: (يُريدُ اللَه بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ).
وقد قيل: إن الله تعالى نسخها بآية آخرها.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قد تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
فهذا ما ورد من المنسوخ من سورة البقرة، والله تبارك وتعالى أعلم.
سورة آل عمران
مدنية، تحتوي من المنسوخ على عشر آيات: الآية الأولى: قوله تعالى: (فإن أَسلَموا فَقَدِ اِهتَدوا).
هذا محكم، والمنسوخ: (وَإِن تَوَلّوا فَإِنّما عَلَيكَ البَلاغَ). نسخها آية السيف.
الآية الثانية: قوله: (لا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنين).
هذا محكم، والمنسوخ قوله تعالى: (إِلّا أَن تَتَّقوا مِنهُم تُقاةً) فنسخها آية السيف.
الآية الثالثة والرابعة والخامسة: أولهن قوله تعالى: (كَيفَ يَهدي اللَهُ قَوماً كَفَروا بَعدَ إيمانِهِم) إلى قوله ( وَلا هُم يُنظَرونَ).
نزلت في ستة رهط ارتدوا عن الإسلام، ثم استثنى الله عز وجل واحداً منهم يقال له: سويد بن الصامت من الأنصار، وذلك: أنه ندم على فعاله، وأرسل إلى أهله يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل من توبة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم فصارت فيه توبة وفي كل نادم إلى يوم القيامة.
الآية السادسة: قوله تعالى: (وَلِلّهِ عَلى الناسِ حِجُّ البَيتِ).
قال السدي: هذا على العموم، ثم استثنى الله تعالى بعدها، فصار ناسخا. وهو قوله: (من استطاع إليه سبيلا). فسئل النبي ﷺ عن السبيل؟ فقال: هو الزاد والراحلة.
الآية السابعة: قوله تعالى: (يا أَيُّها الِّذينَ آمَنوا اِتَّقوا اللَهَ حَقَّ تُقاتِهِ).
وذلك: أنه لما نزلت لم يعلموا تأويلها، حتى سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، ما حق تقاته؟ قال: (أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر). فشق نزولها عليهم، فقالوا: يا رسول الله، لا نطيق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا كما قالت اليهود سمعنا وعصينا ولكن قولوا: سمعنا وأطعنا).
ونزلت بعدها: (وَجاهِدوا في اللَهِ حَقَّ جِهادِهِ). فكان هذا أعظم من الأول، ومعناها: اعملوا حق عمله. وكادت عقولهم تذهل.
فلما علم الله ما قد نزل بهم من هذا الأمر يسر الله ذلك وسهله، ونزلت: (فَاِتَقّوا اللَهَ ما اِستَطَعتُم) التغابن: فصارت ناسخة لما قبلها.
الآية الثامنة: قوله تعالى: (لَن يَضُرّوكُم إِلّا أَذى).
نسختها: (قاتِلوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ).
الآية التاسعة: قوله تعالى: (وضما كانَ لِنَفسٍ أَن تَموتَ إِلّا بِإِذنِ اللَهِ كِتاباً مُؤَجَلاً).
هذا محكم.
والمنسوخ: قوله تعالى: (ومَن يُرِد ثَوابَ الُدنيا نُؤتِهِ مِنها وَمَن يُرِد ثَوابَ الآخِرَةِ نُؤتِهِ مِنها) نسخ ذلك بقوله: (مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فيها ما نَشاءُ).
الآية العاشرة: قوله تعالى: قوله تعالى: (لَتُبلَوُنَّ في أَموالِكُم وَأَنفُسِكُم) إلى قوله (وَإِن تَصبِروا وَتَتّقوا فَإِنَّ ذلِكَ مِن عَزمِ الأُمورِ).
نسخ ذلك بقوله: (قاتِلوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر).