أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢٧٦
المسلمين الذين في الحصن لم يكن فيه دية ولا كفارة ولا أنه قد أبيح لنا الرمي مع العلم بكون المسلمين في تلك الجهة فصار وافى الحكم بمنزلة من أبيح قتله فلا يجب شيء وليست المعرة المذكورة دية ولا كفارة إذ لا دلالة عليه من لفظه ولا من غيره والأظهر منه ما يصيبه من الغم والحرج باتفاق قتل المؤمن على يده على ما جرت به العادة ممن يتفق على يده ذلك وقول عن تأوله على العيب محتمل أيضا لأن الإنسان قد يعاب في العادة باتفاق قتل الخطأ على يده وإن لم يكن ذلك على وجه العقوبة
قوله تعالى إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ
قيل إنه لما أراد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يكتب صلح الحديبية أمر على بن أبى طالب رضى اللّه عنه فكتبه وأملى عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا ما اصطلح عليه محمد رسول اللّه وسهيل بن عمرو
فأبت قريش أن يكتبوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ومحمد رسول اللّه وقالوا نكتب باسمك اللهم ومحمد ابن عبد اللّه ومنعوه دخول مكة فكانت أنفتهم من الإقرار بذلك من حمية الجاهلية وقوله تعالى وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى روى عن ابن عباس قال لا إله إلا اللّه وعن قتادة مثله وقال مجاهد كلمة الإخلاص وحدثنا عبد اللّه بن محمد قال حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله وألزمهم كلمة التقوى قال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ قال أبو بكر المقصد إخبارهم بأنهم يدخلون المسجد الحرام آمنين متقربين بالإحرام فلما ذكر معه الخلق والتقصير دل على أنهما قربة في الإحرام وأن الإحلال بهما يقع لو لا ذلك ما كان للذكر هاهنا وجه وروى جابر وأبو هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة
وهذا أيضا يدل على أنهما قربة ونسك عند الإحلال من الإحرام آخر سورة الفتح.
سورة الحجرات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله عز وجل لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حدثنا عبد اللّه بن محمد قال حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إن ناسا كانوا يقولون لولا أنزل في كذا قال معمر وكان الحسن يقول هم قوم ذبحوا قبل أن يصلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فأمرهم أن يعيدوا الذبح قال أبو بكر وروى عن مسروق أنه دخل على عائشة فأمرت الجارية أن تسقيه فقال إنى صائم وهو