وكذلك قوله في سورة التوبة: ﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ﴾ [ التوبة: ٦٢ ]، وقوله تعالى:
﴿ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ ﴾، فهذا مشترك ﴿ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴾ [ التوبة: ٥٩ ]، وهذا مختص بالله تعالى.
ولكن ينبغي أن يعرف العبد أن الحق المشترك ليس معناه أن ما لله منه يثبت لرسوله مثله ونظيره في كل خصائصه، بل المحبة والإيمان والطاعة لله لابد أن يصحبها التعبد والتعظيم لله والخضوع رغبة ورهبة.
وأما المتعلق بالرسول من ذلك: فإنه حب في الله، وطاعة لله فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله بل حق الرسول على أمته من حق الله تعالى عليهم، فيقوم المؤمن بحق رسوله وطاعته امتثالاً لأمر الله، وعبودية له.
وإنما قيل له حق الرسول، لتعلقه بالرسول، وإلا فجميع ما أمر الله به وحث عليه من القيام بحقوق رسوله، وحقوق الوالدين والأولاد والأزواج والأقارب والجيران والعلماء والولاة والأمراء، والكبير على الصغير والصغير على الكبير وغيرهم، كله حق لله تعالى، فيقوم به العبد امتثالا لأمر الله وتعبداً له، وقياماً بحق ذي الحق، وإحساناً إليه، إلا الرسول فإن الإحسان منه كله إلى أمته فما وصل إليهم خير إلا على يديه ﷺ تسليماً.
القاعدة الثالثة والأربعون: الأمر بالتثبت
يأمر الله بالتثبت وعدم العجلة في الأمور التي يخشى من سوء عواقبها، ويأمر ويحث على المبادرة على أمور الخير التي يخشى فواتها.
وهذه القاعدة في القرآن كثيرة:
قال تعالى في القسم الأول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ﴾، [ النساء: ٩٤ ]، وفي قراءة: ﴿ فتثبتوا ﴾، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ ﴾، [ الحجرات: ٦ ]،.