سورة إبراهيم :

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ أبو السمال :"بِلِسْنِ قَوْمِهِ"١.
قال أبو الفتح : حُكي أن بعض أصحابنا قال : دخلت علي أبي السمال وهو ينتف شعر إسْبِهِ وهو يقرأ :"ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسْنِ قومه"، وإِسْبُهُ يعني عانته، فاللِّسْنُ واللسان، كالريش والرياش : فِعْل وفِعَال بمعنى واحد. هذا إذا أردت باللسان اللغة والكلام. فإن أردت به العضو فلا يقال فيه : لِسْن؛ إنما ذلك في القول لا العضو. وكأن الأصل فيهما للعضو، ثم سَمَّوا القول لسانًا؛ لأنه باللسان، كما يُسَمى الشيء باسم الشيء لملابسته إياه؛ كالراوية٢ والظعينة٣ ونحوها.
ومن ذلك قراءة الحسن :"فَلِيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"٤.
قال أبو الفتح : هذا لعمري الأصل في لام الأمر : أن تكون مكسورة، إلا أنهم أقروا إسكانها تخفيفًا. وإذا كانوا يقولون : مُرْه فلْيَقُمْ، فيسكنونها مع قلة الحروف والحركات، فإسكانها مع كثرة الحروف والحركات أمثل، وتلك حالها في قوله :"فَلِيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، لا سيما وقبلها كسرة الهاء، فاعرف ذلك، فإن مصارفة الألفاظ باب معتمد في الاستثقال والاستخفاف.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن :"وَاسْتَفْتِحُوا"٥.
١ سورة إبراهيم : ٤.
٢ الراوية : الدابة يستقى عليها، وتسمى بها المزادة فيها الماء.
٣ الظعينة : الهودج، وتسمى بها المرأة ما دامت في الهودج.
٤ سورة إبراهيم : ١١.
٥ السورة السابقة : ١٥.


الصفحة التالية
Icon