المقدمة
الحمد الله الكريم الملك الوهاب، مقلب القلوب ومسبب الأسباب، يهدي إليه من أناب، ويحرم الهداية من هو مسرف مرتاب، بيده مقاليد كل شيء، وإليه يرجع الأمر كله، فلا يخفى عليه شيء، ولا يعجزه شيء ﴿ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾(١).
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل على عبده الكتاب، وأمر الناس أن يقرأوه ويدبروا ما فيه ويعملوا به :﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾(٢)، فمن قرأه أجر ومن قال به صدق ومن حكم به عدل ومن دعا إليه فقد هدي إلى صراط مستقيم، ومن عمل بما فيه ﴿ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾(٣)، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله.. أنزل الله عليه الكتاب والحكمة وآتاه فصل الخطاب...
وبعد
فإن رسول الله - ﷺ - شرح للناس – بأفعاله – دستور القرآن.. فكان - ﷺ - قرآناً يمشي على الأرض وبين لهم – بأقواله – بعض معاني القرآن كما قال سبحانه :﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾(٤)، ونرك للناس الكثير من آياته ليتفكروا فيها ويتعلموا منها ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم :﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ( ٥ )، ﴿ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾(٥)فكان الناس في تعاملهم مع هذا الكتاب درجات،

(١) ١ )... الرعد : ٣٠.
(٢) ٢ )... ص : ٢٩.
(٣) ٣ )... غافر : ٤٠.
(٤) ٤ )، ( ٥ ) النحل : ٤٤.
(٥) ٦ )... النساء : ٨٣.


الصفحة التالية
Icon