٢ - سورة البقرة
[ ١ ] موقف الشريعة من السحر
التحليل اللفظي
﴿ نَبَذَ ﴾ : النبذ : الطرح والإلقاء قال تعالى :﴿ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليم ﴾ [ القصص : ٤٠ ] ومنه النبيذ للشيء المسكر، وسميَ نبيذاً، لأن الذي يتخذه يأخذ تمراً أو زبيباً فينبذه في وعاء أو سقاء، ويتركه حتى يصير مسكراً، والمنبوذُ : ولد الزنى، لأنهُ يُنْبذُ على الطريق، قال أبو الأسود.
وخبّرني من كنتُ أرسلتُ أنما | أخذتَ كتابي معرضاً بشمالكا |
نظرتَ إلى عنوانه فنبذتَه | كنبذكَ نعلاً أخْلقتْ من نعالكا |
أنّ الذين أمرتهم أن يعدلوا | نبذوا كتابك واستحلوا المحرما |
تميم بن زيد لا تكوننّ حاجتي | بظهرٍ ولا يعيا عليك جوابها |
والمعنى : نبذوا كتاب الله وتركوا العمل به، على سبيل العناد والمابرة، كأنهم لا يعلمون أنه كتاب الله المنزّل على رسوله الكريم ﷺ.
﴿ واتبعوا ﴾ الضمير لفريق من الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود.
قال الزمخشري : أي نبذوا كتاب الله واتبعوا ما تتلو الشياطين.
والمراد بالاتباع : التوغّلُ والإقبال على الشيء بالكليّة، وقيل : الاقتداء.
﴿ تَتْلُواْ ﴾ : بمعنى تلت مضارع بمعنى الماضي، فهو حكاية لحال ماضية، قال الشاعر :
وانضحْ جوانبَ قبره بدمائها | فلقد يكونُ أخا دمٍ وذبائحِ |
وتتلو يعني : تُحدّث، وتروي، وتتكلم به من التلاوة بمعنى القراءة.
قال الطبري : ولقول القائل « هو يتلو كذا » في كلام العرب معنيان :
أحدهما : الاتباع كما تقول :« تلوت فلاناً » إذا مشيت خلقه وتبعت أثره.
والآخر : القراءة والدراسة كما تقول : فلان يتلو القرآن بمعنى أنه يقرؤه ويدرسه، كما قال ( حسان بن ثابت ) :
نبيّ يرى ما لا يرى الناس حوله | ويتلو كتاب الله في كل مشهد |
﴿ الشياطين ﴾ : المتبادر من لفظ ( الشياطين ) أن المراد بهم مردة الجن، وبه قال بعض المفسرين وقال بعضهم : المراد بهم شياطين الإنس، والأرجح أن المراد بهم شياطين ( الإنس والجن ) كما قال تعالى :﴿ شَيَاطِينَ الإنس والجن يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القول غُرُوراً ﴾ [ الأنعام : ١١٢ ].
﴿ على مُلْكِ سليمان ﴾ : أي على عهد مكله وفي زمانه، فهو على حذف مضاف.
قال المبرّد :« على » بمعنى « في » أي في عهد ملكه، كما أنّ « في » بمعنى « على » كما في قوله تعالى :﴿ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل ﴾ [ طه : ٧١ ] أي على جذوع النخل. ( سليمان ) اسم عبراني، وقد تكلمت به العرب في الجاهلية، واستعمله الحطيئة، اضطراراً فجعله بلفظ ( سلاّم ) حين قال :