سورة الأحزاب
[ ١ ] التبني في الجاهلية والإسلام
التحليل اللفظي
﴿ اتق الله ﴾ : أي أثبت على تقوى الله ودم عليها، والتقوى لفظ جامع يراد منه فعلُ كلّ خير، واجتنابُ كل شر، وأصله من ( الوقاية ) بمعنى الحفظ والصيانة.
قال في « اللسان » : التقوى، والإتّقاء، والتّقاة، والتّقيّة كله واحد، ورجل تقيّ : معناه يقي نفسه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح.
قال ابن الوردي :
واتّقِ اللَّهَ فتقوى اللَّهِ مَا | جاورتْ قلبَ امرئٍ إلاّ وصَل |
ليس كم يقطعُ طرقاً بطَلاً | إنَما مَنْ يَتَّق اللَّهَ البطل |
وفي الصحاح : والكافر : الليلُ المظلم لأنه يستر بظلمته كل شيء، وكفر النعمة جحدها.
وقال الجوهري : ومن ذلك سُمّي الكافر كافراً لأنه ستر نعم الله تعالىّ، ونعمُه آياته الدالة على توحيده.
قال بعض العلماء : الكفر على أربعة أنحاء : كفر إنكار وهو أن لا يعرف الله أصلاً، ولا يعترف به، ويكفر بقلبه ولسانه.
وكفر جحود وهو أن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه، ككفر إبليس، وكفر أهل الكتاب ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ﴾ [ البقرة : ٨٩ ].
وكفر عناد وهو : أن يعترف بقلبه، ويقرّ بلسانه ولا يدين به حسداً وبغياً ككفر أبي جهل وأضرابه.
وكفر نفاق وهو : أن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه فلا يعتقد بما يقول وهو فعل المنافقين.
﴿ والمنافقين ﴾ : جمع منافق وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، مشتق من ( النَّفَق ) وهو سَرَب في الأرض، والنافقاء : جُحْرُ الضبّ واليربوع، قال أبو عبيد : سمّي المنافق منافقاً للنّفق وهو السّرَب في الأرض، وقيل : إنما سُمّي منافقاً لأنه نافق كاليربوع وهو دخوله نافقاءه. فإذا طُلِبَ خرج من القاصعاء، فهو يدخل من ( النافقاء ) ويخرج من ( القاصعاء ) أو بالعكس، وهكذا يفعل المنافق يدخل في الإسلام ثمّ يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه.
وقال في « اللسان » : وقد تكرر في الحديث ذكر النفاق، وهو اسم اسلاميّ لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره ويُظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفاً.
﴿ وَكِيلاً ﴾ : الوكيل : الحافظ، الكفيل بأرزاق العباد، والمتوكل على الله : الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره، فيركن إليه وحده، ولا يتوكل على غيره، وفي التنزيل :﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الحي الذي لاَ يَمُوتُ ﴾ [ الفرقان : ٥٨ ] وتوكّلَ بالأمر إذا ضمن القيام به. والتوكل : اللجوء والاعتماد يقال : وكلتُ أمري إلى فلان أن ألجأته إليه، واعتمدت فيه عليه قال تعالى :