القول المحمود
في تنزيه داود عليه السلام
لتقي الدين السبكي الشافعي
المتوفى سنة ٧٥٦ هـ رحمه الله تعالى
قدَّم لها وعلَّق عيها
حسام الحفناوي
جزاه الله خيرا
حقوق الطبع محفوظة للمحقق
هذه النسخة
هدية لموقع ملتقى أهل الحديث
ملخصٌ
لكلام أهل العلم في المسألة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمدٍ صلى الله عليه وسلم
وبعد : فإن المُطالع لما كتبه كثيرٌ من المؤرخين، و المفسرين عن أخبار الأمم السابقة، و ما وقع لأنبياء الله تعالى مع أقوامهم، يجد الأثر البالغ الذي تركته الإسرائيليات المُخْتَلَقَة على تلك الأخبار.
و من أشنع الاختلاق و أَسْمَجِه : ما نسبوه إلى داود عليه السلام من وقوعه في عشق امرأةِ قائدِه أَوريا.
فنفرٌ من المفسرين والمؤرخين ذكروا _ نقلاً عن تلك الإسرائيليات _ أنه طلب منه أن يتنازل عنها، فاستحيى، ففعل، فتزوجها، ونفرٌ ادَّعوا أن أُوريا لم يكن متزوجًا بها، وإنما كان قد خطبها فقط، فخطب داود على خِطبته، ونفرٌ زعموا أن داود عليه السلام _ نقلاً عن الإسرائيليات أيضًا _ أرسل زوجها أُوريا في مقدمة الجيوش في عِدِّة معارك، معرضًا إيّاه للقتل، رَجاءَ أن يُقتل، فيظفر هو بها، فلما قُتل تزوجها.
وخيرُ مَنْ انتقى من تلك الإسرائيليات مَنْ قال : إنه لم يقصد قتله، ولكنه قُتل في إحدى المعارك مع مَنْ قُتِل من القادة الآخرين، ولم يحزن داود عليه كما حزن على غيره، ثم تزوج امرأته، ومَنْ قال : إن الخصمين المذكورين في الآية كانا من أعدائه، وأرادا قتله، فكان ذنبه عليه السلام، أنه همَّ بقتلِهما لمَّا علم بذلك، ثم استغفر الله تعالى من ذلك، ومَنْ قال: كان ذنب داود أنه تعجل في الحكم بينهما، ولم يسمع كلام الخصم الآخر.


الصفحة التالية
Icon