سورة الفاتحة
سورة الفاتحة أعظم سورة في القرآن لحديث أبي سعيد بن المعلّى أخرجه البخاري (٤٤٧٤)، وهي مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات؛ فتوحيد الربوبية توحيد الله تعالى بأفعاله، كالخلق والرَّزْق والإحياء والإماتة وغير ذلك من أفعاله تعالى، والمعنى أن الله واحد في أفعاله لا شريك له في خلق الخلق وإحيائهم وإماتتهم.
وتوحيد الألوهية توحيده سبحانه وتعالى بأفعال العباد، كالدعاء والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والاستغاثة والذبح وغير ذلك من أفعال العباد، فإنه يتعين عليهم أن يجعلوها خالصة لله - عز وجل -، فلا يشركوا مع الله أحداً في عبادته، فكما أنه لا خالق إلاّ الله ولا محيي إلاَّ الله ولا مميت إلاَّ الله، فإنه لا معبود حق إلاَّ الله.
وتوحيد الأسماء والصفات إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله * من الأسماء والصفات من غير تحريف أو تأويل أو تعطيل، ومن غير تكييف أو تشبيه أو تمثيل، كما قال الله - عز وجل - ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: ١١]، فإن هذه الآية الكريمة واضحة الدلالة لمذهب أهل السنة والجماعة في صفات الله - عز وجل -، وهو الإثبات مع التنزيه، ففي قول الله - عز وجل - ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ إثبات اسمي السميع والبصير الدّالين على إثبات صفتي السمع والبصر لله - عز وجل -، وفي قوله تعالى ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ تنزيهه تعالى عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم، فله سبحانه وتعالى سمع لا كأسماع المخلوقين، وله بصر لا كأبصارهم؛ بل إن الآية الأولى من هذه السورة العظيمة مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة، أما توحيد الألوهية فيدل عليه قوله ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ ؛ لأن إسناد الحمد من العباد إلى ربهم عبادة له وثناء عليه، وهو من أفعالهم.