﴿ومن يؤمن﴾: راعى اللفظ أولاً في من الشرطية، فأفرد الضمير في ﴿يؤمن﴾، ﴿ويعمل﴾، و﴿يدخله﴾، ثم راعى المعنى في ﴿خالدين﴾، ثم راعى اللفظ في ﴿قد أحسن الله له﴾ فأفرد. واستدل النحويون بهذه الآية على مراعاة اللفظ أولاً، ثم مراعاة المعنى، ثم مراعاة اللفظ. وأورد بعضهم أن هذا ليس كما ذكروا، لأن الضمير في ﴿خالدين﴾ ليس عائداً على من، بخلاف الضمير في ﴿يؤمن﴾، ﴿ويعمل﴾، و﴿يدخله﴾، وإنما هو عائد على مفعول ﴿يدخله﴾، و﴿خالدين﴾ حال منه، والعامل فيها ﴿يدخله﴾ لا فعل الشرط.
وقرأ الجمهور: مثلَهنّ﴿رِزْقاً * اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَتٍ وَمِنَ الأٌّرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأٌّمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمَا﴾ بالنصب؛ والمفضل عن عاصم، وعصمة عن أبي بكر: مثلُهن بالرفع فالنصب، قال الزمخشري: عطفاً على ﴿سبع سموات﴾. انتهى، وفيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف، وهو الواو، والمعطوف؛ وهو مختص بالضرورة عند أبي عليّ الفارسي، وأضمر بعضهم العامل بعد الواو لدلالة ما قبله عليه، أي وخلق من الأرض مثلهن، فمثلهن مفعول للفعل المضمر لا معطوف، وصار ذلك من عطف الجمل والرفع على الابتداء، ﴿ومن الأرض﴾ الخبر.
سورة التحريم
اثنتا عشرة آية مدنية
وتبتغي﴿عِلْمَا﴾: في موضع الحال. وقال الزمخشري تفسير لتحرم، أو استئناف.
ونبأ وأنبأ، الأصل أن يتعديا إلى واحد بأنفسهما، وإلى ثان بحرف الجر، ويجوز حذفه فتقول: نبأت به، المفعول الأول محذوف، أي غيرها. ومن أنبأك هذا﴿حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ﴾: أي بهذا، ﴿قال نبأني﴾ أي نبأني به أو نبأنيه، فإذا ضمنت معنى أعلم، تعدت إلى ثلاثة مفاعيل، نحو قول الشاعر:
نبئت زرعة والسفاهة كاسمهاتهدي إليّ غرائب الأشعار ومفعول عرّف المشدد محذوف، أي عرّفها بعضه.