وقال: الأظهر أن المراد هنا بالحتم أيضاً الوجوب الاصطلاحي المشتمل على بعض أفراد الوجوب الشرعي لا الجمع بين الحقيقة والمجاز أو استعمال المعنيين بالاشتراك كما ذهب إليه الشراح من الشافعية، فإن اللحن على نوعين جلي وخفي:
فالجلي: خطأ يعرض للفظ ويخل بالمعنى والإعراب كرفع المجرور ونصبه ونحوهما، سواء تغير المعنى أم لا.
والخفي: خطأ يخل بالحرف كترك الإخفاء والقلب والإظهار والإدغام والغنة وكترقيق المفخم وعكسه ومد المقصور وقصر الممدود وأمثال ذلك، ولا شك أن هذا النوع مما ليس بفرض عين يترتب عليه العقاب الشديد، وإنما فيه خوف العقاب والتهديد.
وأما تخصيص الوجوب بقراءة القرآن كما ذكره بعض الشراح فليس مما يناسب المرام في هذا المقام. انتهى كلام الإمام علي القاري.
ووافق الإمامُ علي القاري الشيخَ زكريا الأنصاري في حمل الإثم على الإخلال بالمعنى أو الإعراب، فقال(١): بأن يقرأ قراءة تخل بالمعنى أو الإعراب كما صرح به الشيخ زكريا، خلافاً لما أخذه بعض الشراح منهم ابن المصنف على وجه العموم الشامل للحن الخفي، فإنه لا يصح، كما لا يخفى، وأغرب من هذا أن الشارح المصري ضعف قول الشيخ زكريا مع أنه شيخ الإسلام في مذهبه. ثم بين أن الأدلة التي ذكروها للجواب لا تدل على المدعى، كما مرَّ وسيأتي.
المبحث السابع
في ذكر أدلة القائلين بوجوب تعلم التجويد مع الرد عليها
قبل ذكر أدلة الوجوب للتجويد فإنهم قسموا التجويد قسمين فقالوا:
للتجويد جانبان؛ نظري وعلمي:
فالنظري: يعني معرفة أحكام وقواعد علم التجويد وحفظها وفهمها.
وحكم هذا الجانب أن تعلمه فرض كفاية كسائر العلوم التي يحتاج إليها المسلمون، وهو من علوم الآلة أو الوسيلة.
والعملي: يعني القدرة على تطبيق القواعد التجويدية النظرية في أثناء تلاوة القرآن.