الداني مفسراً من خلال كتابه :
(المكتفى في الوقف والابتدا)
إعداد
د/السالم محمد محمود أحمد الشنقيطي الجكني
الأستاذ المساعد بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالمدينة المنورة

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
الحمد لله القائل: ﴿ ولا يأتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحَقّ ِ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً ﴾ أحمده وأستعينه وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على سنّته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنَّ علمَ التفسير من أعلى العلومِ قدراً، وأعظمها خطراً؛ لشدة تعلّقه بكتاب الله تبارك وتعالى، ولقد عرف العلماء لهذا العلم قدره، فاعتنوا به أتمّ عنايةٍ، واهتموا به أيَّما اهتمام، جمعوه ووثّقوه، ونافحوا عنه أقلامَ وأغراض المبطلين، وتحريف المحرِّفين، فبيّنوا صحيحَه من سقيمِه، وما يُقبل منه فيُروى، وما يُرفض منه فيُرمى.
فنشأت المدارس التفسيرية مع مرور الزمن وتطاول العصر عن الرعيل الأوَّل، ما بين واقف عند ما رَوَى ورُوِي، لا يقبل رأياً ولا اجتهاداً، وما بين مسلِّمٍ لما روي، وغير معترض على ما رُويَ، مما لا يخالف ثابتاً من الثوابت، فرأينا مدرستي: الرواية، والدراية، أو قل: المأثور والرأي المحمود، وغدا لكل مدرسة نهجها وشيوخها وعلماؤها وكتبها.
وإنَّ ممن جمع - في جُبّة علمه بالتفسير- بين المدرستين، الإمام الحافظ عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد، المشهور بين الأنام بأبي عمرو الداني رحمه الله، إمام القراء، والذي إذا أُطلق ((الحافظ)) عندهم فهو هو.
وهذا الإمام قد غُمِضَ حقُّه لمَّا قَصَرَه الناس - وخاصة أهل هذا العصر- على جانب واحدٍ من جوانب الدراسات القرآنية، ألا وهو جانب القراءات، حتى أصبح المختص وغير المختص - إلا القليل- لا يعرف عنه إلاَّ أنه: المقرئ المحرّر لعلم القراءات.


الصفحة التالية
Icon