بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد :
فإن الله تعالى قد أَنْزَلَ هَذَا القُرْآنِ، وَفِيهِ خَيرٌ وَبَرَكَةٌ، وَنَفْعٌ وَهُدىً لِلنَّاسِ، لِيُرْشدَهُمْ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُهُمْ وَسَعَادَتُهُمْ، وَلِيَتَدَبَّرَهُ أُولُو الأَفْهَامِ والعُقُولِ والأَلْبَابِ. وَتَدَبُّرُ القُرْآنِ لاَ يَكُونُ بِحُسْنِ تِلاَوَتِهِ، وَإِنَّما يَكُونَ بِالعَمَلِ بِمَا فِيهِ، واتِّبَاعِ مَا جَاءَ فِيهِ مِنْ أَوَامِرَ، وَالانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ، قال تعالى :﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص : ٢٩] ﴾.
ومما فتح الله به على الشهيد سيد قطب رحمه الله، المنهج الحركي، فقد لاحظه أثناء تفسيره للقرآن الكريم، وقد أفرده الخالدي برسالة جامعية، وهو من أعمق ما وصل إليه السيد في فهم هذا الدين.
بين فقه الحركة وفقه الأوراق
إن من الضرورة بمكان عند الكلام عن السياسة الشرعية أن ندرك الفرق الهام بين الفقه الحركي وفقه الأوراق، وأوضح ذلك بإيجاز فأقول:
أولاً: فقه الأوراق: يدرس أحوالاً محددة ومسائل مقررة سلفاً، ويضع حلولاً لقضايا تم تصويرها وتحديد معناها والمراد بها.
وهذا الفقه بلا شك جانب عظيم من جوانب التشريع الإسلامي العام، لكنه على غناه وسعته لا يستوعب احتياجات العصر المتجددة والمتغيرات الدائمة في أحوال الأمة الإسلامية المترامية الأطراف المتعددة الأبعاد.
ثانياً: الفقه الحركي: أما الفقه الحركي فهو الذي يتميز بصفات عدة تجعله يستوعب الحياة وتطوراتها وتغيراتها وفق ضوابط وأصول ثابتة.
وأذكر أهم خصائص هذا الفقه فيما يلي: