الفصل الثاني : الأساليب القديمة الحديثة في إدخال الشوائب للتفسير
المبحث الأول: الاستطراد الواسع وسوق الكلام بصيغة الاستحسان.
المبحث الثاني: رفع شعار محاربة الإسرائيليات.
المبحث الثالث: التذرع بالتخييل والتمثيل وبالرمز والإشارة.
المبحث الرابع: تحريف المصطلحات.
المبحث الأول
الاستطراد الواسع وسوق الكلام بصيغة الاستحسان
أ- الاستطراد الواسع:
…الإطناب والإسهاب من أساليب اللغة العربية، وهما بمعنى واحد تقريباً، وقد يكون لفائدة أو لغير فائدة، ويمكن تعريف الإطناب بأنه: التعبير عن المراد بلفظ زائد بعيداً عن الحشو والتطويل. ويعد الإطناب بلاغة إذا كان المقام خليقاً بالبسط. وعدّوا من أنواعه التكرير وقالوا: إذا تكرر تقرر. وقيل مع الإعادة إفادة. كما عدوا من أنواعه التفسير والتذييل والاستقصاء. وقد أوصلها السيوطي إلى واحد وعشرين نوعاً(١). وضرب لها أمثلة من القرآن الكريم. ولكن من يجل النظر في الاستطراد الذي وقع في كتب التفسير في القرن الرابع عشر الهجري (القرن العشرين للميلاد) لا يجد أي وجه للشبه مع هذا الأسلوب العربي البلاغي. لأنه يخرج عن الموضوع ويوغل في البعد حتى يكون موضوعاً مستقلاً لا رابط له بالموضوع الأصلي. وقد استعمل من يزعمون الإصلاح في التفسير هذا الأسلوب الفضفاض، وأدخلوا منه شوائب جمة مما لا يخطر على قلب بشر أن النص يحتمله. وإليك النماذج.
الاستطراد في تفسير المنار:
…لقد فسر صاحب المنار آية(٢) بثمان صفحات واستطرد بثمان وثلاثين صفحة(٣).
…إن تفسير المنار جاء في ثلاثة عشر مجلداً تقريباً، زادت صفحاته عن ستة آلاف صفحة. فسّرت اثني عشر جزءاً من القرآن، ولو جردناه من الاستطراد فإنه لا يزيد عن أربع مجلدات.

(١) السيوطي، الإتقان، النوع السادس والخمسون، الجزء الثاني.
(٢) ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ (الأعراف: ١٨٧).
(٣) انظر، تفسير المنار، ٩/٤٦١-٥٠٨.


الصفحة التالية
Icon