بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمةالحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين نذيرا، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله الذي يسر القرآن بلسانه ليذكر أولو الألباب.
(وبعد)
فإن التعرف على صور العناية بتعليم القرآن الكريم في أقطار الإسلام على اختلاف الأزمنة وتغاير الوسائل والنُّهوج من أهم وسائل التوصل إلى الصيغ المنهجية الصحيحة للعناية بهذا الكتاب الكريم تعليماً وتفهيماً، وذلك لأن تجارب الأجيال خير زاد لمن أراد صقل تجربته، وخبرات القرون خير معين لمن ابتغى تلقيح خبراته.
وما يزال الخلف يستقون من السلف طرائق الفهم والمدارسة، وسبل التطبيق والممارسة، مضيفين إليها من ضرورات الزمان والمكان، وما تدعو إليه طبيعة البيئة وخصوصية الظروف ما يشكل العناصر المميزة للتجربة الجديدة.
وقد اختار البحث بلاد المغرب العربي وصور العناية بتعليم القرآن الكريم فيه منذ بداية تلقيهم لكتاب الله تعالى حتى عصرنا الحاضر استجابة لما أشرنا إليه من تجاوب أصداء الزمان وإيماء إلى ضرورة أن يتبعه تجارب لأصداء المكان، فالملاحظ قلة اطلاع المشارقة على تراث المغاربة أو تجربتهم الثقافية التي تحتاج إلى اكتشاف للإفادة بعراقة مواردها، وتقويم ما يكون فيها من فروع تحتاج إلى تقويم.
والمقصود بالمغرب العربي في هذا البحث هو الاصطلاح الذي استقر اليوم جغرافياً وثقافياً، في محاولة للإفادة من تجربة القوم في مجال العناية بتعليم القرآن الكريم، خصوصاً وأن لهم في هذا الميدان عناية ماضية وحاضرة تحدثت عنها كتب التاريخ والتراجم كما ذكرتها الكتب الحديثة.
وهو أخيراً أطروحةٌ موجزةٌ ملخصة ٌحكم منهجها وطريقتها ضيق الوقت وكثرة المشاغل ومحدودية المساحة إلا أنها حاولت أن تعطي صورةً واضحةً قدر الإمكان عن هذه التجربة مستخلصةً عناصر قد تكون مفيدة على الطريق.
سائلاً المولى تبارك وتعالى أن ينفع بها ويجعلها في موازين الحسنات.