المبحث الثالث
قطوف تربوية حول قصة أصحاب القرية
كان هذا الموقف العظيم للرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة، أي من مكان ليس بالقريب، وكذلك كان يسعى، أي يسرع في مشيته، وهو ما يبين مدى الجهد الذي بذله للوصول إلى مسرح الأحداث، وهو المكان الذي كان يُبتلى فيه الرسل، وذلك في مبادرة منه لم يحدها مكان ولا زمان ولا وقت، بل سعى ووصل في الوقت والمكان المناسبين، وعرض رأيه في القضية، وانتصر لهؤلاء الرسل ضد رغبة قومه.
واستمر أهل القرية في رفض الرسالة، وكذبوا الرجل المؤمن، ثم أقدموا على قتله، فلقي الله ـ سبحانه ـ شهيداً، وبشره الحق ـ سبحانه ـ بالجنة، فتمنى لو أن قومه يعلمون بمصيره وحسن عاقبته.
وبعد ذلك جاءت التعقيبات القرآنية الخاصة، والتي تبين مصير أهل القرية المكذبين؛ حيث أصابتهم صيحة الدمار، فأهلكتهم، فأصبحوا ميتين خامدين، كما تخمد النار. وهي سنة الله ـ عز وجل ـ الإلهية مع المكذبين.
ثم كانت التعقيبات القرآنية العامة، والتي تعلن الحسرة على كل من لا يقرأ التاريخ، ويشاهد سننه ـ سبحانه ـ الإلهية مع أعداء الدعوة، ومكذبي الرسالة، على مر تاريخ المسيرة الدعوية، ولا يعتبر بها، ولا يعي معنى الرجوع إليه ـ سبحانه ـ للمحاسبة والجزاء.
؟ أهمية الرؤية المنهجية:
وعندما ننظر إلى هذه القصة القرآنية العظيمة، برؤية منهجية شاملة واعية، نجد أن لها بُعدين:
البعد الأول الظاهر القريب: هو أن هذه القصة تتكون من جولات ثلاث:
الجولة الأولى: هي جولة المواجهة بين الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وبين أصحاب القرية.


الصفحة التالية
Icon