المُقدِمةُ
الحمدُ لله رب العالمين، الرحمنِ الرحيمِ، مالكِ يوم الدين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملكُ الحقُ المبينُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً مباركاً.
أما بعد :
فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد تكفل ببيان القرآن الكريم كما تكفل بحفظ ألفاظه، فقال - عز وجل - :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَه ُ= فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ = ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ ( القيامة : ١٧-١٩ ).
وقد هيأ الله - عز وجل - لهذه الأمة المباركة مَن يبين لها معاني القرآن على مر العصور والأزمان، وإمامهم في ذلك النبي الكريم محمد بن عبدالله - ﷺ -، الذي أخبر الله عنه بقوله :﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (النحل: من الآية٤٤).
ثم قام الصحابة الكرام - الذين رضي الله عنهم وأرضاهم - بهذه المهمة أتم القيام، وسار التابعون لهم بإحسان - الذين زكّاهم الله - عز وجل -، وأثنى عليهم رسوله - ﷺ - على هذا النهج، فبلّغوا القرآن - ألفاظه ومعانيه - من بعدهم بكل أمانة وصدق.
ثم تصدى لهذه المهمة - مهمة بيان القرآن - علماءُ أجلاء، وأئمةٌ نجباءُ ؛ فسروا آيات القرآن الكريم كاملة، وبيّنوا معانيه الخافية، وأظهروا من أسراه الكامنة، وكنوزه الهائلة ما نفع الله - عز وجل - به الأجيال المتعاقبة.
وقد خلّف أولئك الأئمة ثروة علمية هائلة، تمثلت في كتب التفسير المشتهرة، التي تلقتها الأمة بالقبول، وتداولها العلماء وطلبة العلم جيلاً بعد جيل، واهتموا بها قراءة ودراسة.