الوجيز في تجويد الكتاب العزيز
تأليف: الدكتور محمد بن سيدي محمد الأمين
الأستاذ المشارك بكلية القرآن الكريم
من لم يجود القرآن آثم والأخذ بالتجويد حتم لازم
وهكذا منه إلينا وصلا لأنه به الإله أنزلا
وزينة الأداء والقراءة وهو أيضاً حلية التلاوة
محمد بن محمد بن محمد الجزري
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب مرتلاً، ووعد من قرأه على كل حرف منه عشر حسنات إحساناً منه وتفضلاً.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أفصح من نطق بالضاد، من تلا كتاب ربه فتفطرت لسماعه قلوب العباد.
وعلى آله وصحبه الذين عرفوا لحروفه الحق والمستحق فهمسوا التاء وجهروا بالجيم ففازوا برضوان من الله والله ذو فضل عظيم فضبطوا حروفه وهيئاته، وصانوه عن اللحن الذميم وبعد:
فإني متناول بالبحث والدرس إن شاء الله تعالى جانباً من جوانب الكتاب العزيز تناقلته الأمة جيلاً بعد جيل حتى وصل إليناً محاطاً بالرعاية والإتقان معلوم القواعد بالتحديد مقرب الموارد بالتمهيد إنه «الأخذ بالتجويد»
لقد كان الأئمة وسلفنا الصالح لا يفرقون بين القرآن وتجويده لأنهم يعلمون علم اليقين أن القرآن نزل مرتلاً مجوداً من العزيز الحكيم، فبه قرءوا القرآن وأقرءوه ومن تلقى عنهم به ألزموه.
فلما ضعفت الهمم وتباعد الناس عن أخذ كتاب ربهم من أفواه الشيوخ الضابطين ظهر دعاة الفصل بين القرآن وتجويده.
ونادى فريق بتجريد القرآن من رسمه وضبطه، بل إن واقع الأمة اليوم منذر بتركه وهجره.
وأمام هذه التحديات والتعديات التي أثارت البلبلة في أذهان أهل العلم بله الناشئة.
كان لا بدّ من وقفة يُجْلى فيها الحق وتُبْرأ فيها الذمة، ويعود فيها أهل القرآن إلى تجويد كتاب ربهم بعزيمة وهمة.
وهذا ما سأحاول الوصول إليه من خلال كتابة هذا البحث بعد القراءة الطويلة في هذا الموضوع وجمع مادته من كتب شتى. ويمتاز هذا البحث عن نظائره بما سيلحظه القارئ من حضورٍ لأئمة الإقراء أصحاب الأسانيد العالية، فمن كتبهم أستمد مادتي، وبأقوالهم أقوّي حُجّتي، وعلى الله أولاً وآخراً اعتمادي وعُدّتي.
عليك اعتمادي ضارعاً متوكلا [١]
فيا رب أنت الله حسبي وعدتي
﴿ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [٢]
واقتضى العمل في هذا البحث أن تأتي خطته على ما يأتي :
مقدمة وستة مباحث وخاتمة.
المبحث الأول : تعريف التجويد لغة واصطلاحاً.
المبحث الثاني : نشأة التجويد.