فصل
في الصيام وتوابعه
قال الله تعالى :﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ إلى قوله :﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة : ١٨٣ - ١٨٥].
يخبر تعالى بمنته على عباده المؤمنين بفرضه عليهم الصيام كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع الكبار التي هي مصلحة للخلق في كل زمان، وفي هذا حث للأمة أن ينافسوا الأمم في المسارعة إليه وتكميله، وبيان عموم مصلحته، وثمراته التي لا تستغني عنها جميع الأمم ; ثم ذكر حكمته بقوله :﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾، فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى ؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فالصيام هو الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية التي فيها سعادة العبد في دينه ودنياه وآخرته، فالصائم يتقرب إلى الله بترك المشتهيات ؛ تقديما لمحبة ربه على محبة نفسه، ولهذا اختصه الله من بين الأعمال حيث أضافه إلى نفسه في الحديث الصحيح، وهو من أعظم أصول التقوى، فإن الإسلام والإيمان لا يتم بدونه.