القرآن فيها، أو ذكر الله بالذي هو أهله، أو دعائه فيها، غير عاصين لله فيها بتضييع حدودها، والتفريط في الواجب لله عليكم فيها وفي غيرها من فرائض الله.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له= لما قد بيناه من معناه= فإن خفتم من عدو لكم، أيها الناس، تخشونهم على أنفسكم في حال التقائكم معهم أن تصلوا قياما على أرجلكم بالأرض قانتين لله= فصلوا"رجالا"، مشاة على أرجلكم، وأنتم في حربكم وقتالكم وجهاد عدوكم="أو ركبانا"، على ظهور دوابكم، فإن ذلك يجزيكم حينئذ من القيام منكم، قانتين. (١)
* * *
ولما قلنا من أن معنى ذلك كذلك، جاز نصب"الرجال" بالمعنى المحذوف. وذلك أن العرب تفعل ذلك في الجزاء خاصة، لأن ثانيه شبيه بالمعطوف على أوله. ويبين ذلك أنهم يقولون:"إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا"، بمعنى: إن تفعل خيرا تصب خيرا، وإن تفعل شرا تصب شرا، فيعطفون الجواب على الأول لانجزام الثاني بجزم الأول. فكذلك قوله:"فإن خفتم فرجالا أو ركبانا"، بمعنى: إن خفتم أن تصلوا قياما بالأرض، فصلوا رجالا.
* * *
"والرجال" جمع"راجل" و"رجل"، وأما أهل الحجاز فإنهم يقولون لواحد"الرجال""رجل"، مسموع منهم:"مشى فلان إلى بيت الله حافيا رجلا"، (٢)
(٢) هذا البيان عن لغات العرب في"رجل"، غي مستوفي في كتب اللغة.