البقرة ١٦٩ - ١٧٢
وأبان متعد ولازم ولا يناقض هذه الآية قوله تعالى والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت أى الشيطان لأنه عدوا للناس حقيقة ووليهم ظاهرا فإنه يريهم فى الظاهر الموالاة ويزين لهم اعمالهم ويريد بذلك هلاكهم فى الباطن إنما يامركم بيان لوجوب لوجوب الانتهاء عن اتباعه وظهور عداوته أى لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم بالسوء بالقبيح والفحشاء وما يتجاوز الحد فى القبح من العظائم وقيل السوء مالا حد فيه والفحشاء ما فيه حد و أن تقولوا فى موضع الجر بالعطف على بالسوء أى وبأن تقولوا على الله مالا تعلمون هو قولكم هذا حلال وهذا حرام بغير علم ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه و إذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله الضمير للناس وعدل بالخطاب عنهم على طريق الالتفات قيل هم المشركون وقيل طائفة من اليهود لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الإيمان واتباع القرآن قالوا بل نتبع ما ألفينا وجدنا عليه آباءنا فإنهم كانوا خيرا منا وأعلم فرد الله عليهم بقوله أولو كان آباؤهم الواو للحال والهمزة بمعنى الرد والتعجب معناه أيتبعونهم ولو كان آباؤهم لا يعقولن شيئا من الدين ولا يهتدون للصواب ثم ضرب لهم مثلا فقال ومثل الذين كفروا المضاف محذوف أى ومثل داعى الذين كفروا كمثل الذى ينعق يصيح والمراد بما لا يسمع إلا دعاء ونداء البهائم والمعنى ومثل داعيهم إلى الإيمان فى أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوى الصوت من غير إلقاء أذهان ولا استبصار كمثل الناعق بالبهائم التى لا تسمع إلا دعاء الناعق ونداءه الذى هو تصويت بها وزجر لها ولا تفقه شيئا آخر كما يفهم العقلاء والنعيق التصويت يقال نعق المؤذن ونعق الراعى بالظأن والنداء ما يسمع والدعاء قد يسمع وقد لا يسمع صم خبر مبتدأ مضمر أى هم صم بكم خبر ثان عمى عن الحق خبر ثالث فهم لا يعقلون الموعظة ثم بين أن ما حرمه المشركون حلال بقوله يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم من مستلذاته أو من حلالاته واشكروا لله الذى رزقكموها إن كنتم إياه تعبدون إن صح أنكم تختصونه بالعبادة وتقرون أنه معطى النعم ثم بين