البقرة ١٤٤ - ١٤٥
صلى الله عليه و سلم يتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة موافقة لإبراهيم ومحالفة لللهيود و لأنهاء ادعى للعرب إلى الإيمان لأنها مفخرتهم ومزارهم ومطافهم فلنولينك فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها من قولك وليته كذا إذا جعلته والياء له أو فلنجعلنك تلى سمتها دون سمت بيت المقدس قبلة ترضاها تحبها وتميل اليها لأغراضك الصحيحة التى أضمرتها ووافقت مشيئة الله وحكمته فول وجهك شطر السمجد الحرام أى نحوه وشطر نصب على الظرف أى اجعل تولية الوجه تلقاء المسجد أى فى جهته وسمته لأن استقبال عين القبلة متعسر على النائى وذكر المسجد الحرام دون الكعبة دليل على أن الواجب مراعاة الجهة دون العين روى أنه عليه السلام قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سنة عشر شهرا ثم وجه إلى الكعبة وحيثما كنتم من الأرض وأردتم الصلاة فولوا وجوهكم شطره و أن الذين اوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق أى التحويل إلى الكعبة هو الحق لأنه كان فى بشارة انبيائهم برسول الله صلى الله عليه و سلم أنه يصلى إلى القبلتين من ربهم وما الله بغافل عما يعملون بالياء مكى و أبو عمرو ونافع وعاصم وبالتاء غيرهم فالأول وعيد للكافرين بالعقاب على الحجود والاباء والثاني وعد للمؤمنين بالثواب على القبول والأداء ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب أراد ذوى العناد منهم بكل آية برهان قاطع أن التوجه إلى الكعبة هو الحق ما تبعوا قبلتك لأن تركهم اتباعك ليس عن شبهة تزيلها بإيراد الحجة إنما هو عن مكابرة وعناد مع علمهم بما فى كتبهم من نعتك انك على الحق وجواب القسم المحذوف سد مسد جواب الشرط وما أنت بتابع قبلتهم حسم لأطماعهم إذ كانوا اضطربوا فى ذلك وقالوا لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجوا أن يكون صاحبنا الذى ننتظره وطمعوا فى رجوعه إلى قبلتهم ووحدت القبلة و إن كان لهم قبلتان فلليهود قبلة وللنصارى قبلة لاتحادهم فى البطلان وما بعضهم بتابع قبلة بعض يعنى أنهم مع اتفاقهم على مخالفتك مختلفون فى شأن القبلة لا يرجى اتفاقهم كما لا ترجى موافقتهم لك فاليهود تستقبل بيت المقدس والنصارى مطلع الشمس ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم أى من بعد وضوح البرهان والإحاطة بأن القبلة هى الكعبة و أن دين الله هو الإسلام انك إذا لمن الظالمين لمن المرتكبين الظلم الفاحش وفى ذلك لطف للسامعين