الأحزاب ٤ - ١
خطابنا إلى أحبابنا وإنما لم يقل يا محمد كما قال يا آدم يا موسى تشريفا له وتنويها بفضله وتصريحه باسمه فى قوله محمد رسول الله ونحوه لتعليم الناس بأنه رسول الله اتق الله اثبت على تقوى الله ودم عليه وازدد منه فهو باب لايدرك مداه ولا تطع الكافرين والمنافقين ولا تساعدهم على شئ واحترس منهم فإنهم اعداء الله والمؤمنين وروى أن أبا سفيان وعكرمة بن أبى جهل وأبا الاعور السلمى قدموا المدينة بعد قتال احد فنزلوا على عبد الله بن أبى واعطاهم النبى الامان على أن يكلموه فقالوا ارفض ذكر آلهتنا وقل أنها تنفع وتشفع ووازرهم المنافقون على ذلك فهم المسلمون بقتلهم فنزلت أى اتق الله فى نقض العهد ولا تطع الكافرين من اهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا ان الله كان عليما بخبث أعمالهم حكيما فى تأخير الأمر بقتالهم واتبع ما يوحى اليك من ربك فى الثبات على التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين ان الله الذى يوحى إليك كان بما تعملون خبيرا أى لم يزل عالما بأعمالكم وقيل إنما جمع لأن المراد بقوله اتبع هو وأصحابه وبالياء أبو عمرو أى بما يعمل الكافرون والمنافقون من كيدهم لكم ومكرهم بكم وتوكل على الله اسند امرك إليه وكله إلى تدبيره وكفى بالله وكيلا حافظا موكولا إليه كل امر وقال الزجاج لفظه وان كان لفظ الخبر فالمعنى اكتف بالله وكيلا ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه وما جعل أزواجكم اللائى تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل ادعياءكم ابناءكم أى ما جمع الله قلبين فى جوف ولا زوجية وامومة فى امرأة ولا بنوة ودعوة فى رجل والمعنى أنه تعالى كما لم يجعل لإنسان قلبين لأنه لا يخلو اما أن يفعل بالآخر فعلا من أفعال القلوب فاحدهما فضلة غير محتاج اليه واما أن يفعل بهذا غير ما يفعل بذاك فذلك يؤدى إلى اتصاف الجملة بكونه مريدا كارها عالما ظانا موقنا شاكا فى حالة واحدة لم يحكم أيضا ان تكون المرأة الواحدة اما لرجل زوجا له لأن الأم مخدومة والمرأة خادمة وبينهما مغافاة وأن يكون الرجل الواحد دعيا لرجل وابنا له لأن البنوة اصالة فى النسب والدعوة الصدق عارض بالتسمية لا غير ولا يجتمع فى الشيء الواحد أن يكون أصيلا غير أصيل وهذا مثل ضربه الله تعالى فى زيد بن حارثة وهو رجل من كلب صبى ضغير فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهبته له فطلبه أبوه وعمه فخير فاختار رسول الله صلى الله عليه و سلم فاعتقه


الصفحة التالية
Icon