سبأ ٥٤
فاطر ١
الله صلى الله عليه و سلم شاعر ساحر كذاب وهذا تكلم بالغيب والامر الخفى لأنهم لم يشاهدوا منه سحرا ولا شعرا ولا كذبا وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة من حاله لأن أبعد شىء مما جاء به السحر والشعر وأبعد شىء من عادته التى عرفت بينهم وجربت الكذب ويقذفون بالغيب عن أبى عمرو على البناء للمفعول أى تأتيهم به شياطينهم ويلقنونهم إياه وإن شئت فعلقه بقوله وقالوا آمنا به على أنه مثلهم فى طلبهم تحصل ما عطلوا من الإيمان فى الدنيا بقولهم آمنا فى الآخرة وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه حيث يريد أن يقع فيه لكونه غائبا عنه بعيدا ويجوز أن يكون الضمير فى آمنا به للعذاب الشديد فى قوله بين يدى عذاب شديد وكانوا يقولون ومانحن بمعذبين إن كان الامر كما تصفون من قيام الساعة والعقاب والثواب ونحن أكرم على الله من أن يعذبنا قائسين أمر الآخرة عن أمر الدنيا فهذا كان قذفهم الغيب وهو غيب ومقذوف به من جهة بعيدة لأن دار الجزاء لا تنقاس على دار التكليف وحيل وحجز بينهم وبين ما يشتهون من نفع الإيمان يومئذ والنجاة من النار والفوز بالجنة أو من الرد إلى الدنيا كما حكى عنهم بقوله أرجعنا نعمل صالحا والافعال التى هى فزعوا وأخذوا وحيل كلها للمضى والمراد بها الاستقبال لتحقق وقوعه كما فعل بأشياعهم من قبل بأشباههم من الكفرة انهم كانوا فى شك من أمر الرسل والبعث مريب موقع فى الريبة من أرابه إذا أوقعه فى الريبة هذا رد على من زعمم أن الله لا يعذب على الشك والله أعلم
سورة الملائكة مكية وهى خمس واربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد ذاته تعليما وتعظيما فاطر السموات مبتدئها ومبتدعها قال ابن عباس رضى الله عنهما ما كنت أدرى معنى الفاطر حتى اختصم إلى أعرابيان فى بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أى ابتداتها والارض جاعل الملائكة رسلا إلى عباده أولى ذوى اسم جمع لذو وهو بدل من رسلا أونعت له أجنحة جمع جناح مثنى وثلاث ورباع صفات لأجنحة وإنما لم تنصرف لتكرر العدل فيها وذلك أنها عدلت عن ألفاظ الاعداد عن صيغ