قوله ٦٢ - ﴿ إن هذا ﴾ أي الذي قصه الله على رسوله من نبأ عيسى ﴿ لهو القصص الحق ﴾ القصص التتابع يقال : فلان يقص أثر فلان : أي يتبعه فأطلق على الكلام الذي يتبع بعضه بعضا وضمير الفصل للحصر ودخول اللام عليه لزيادة تأكيده ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده خبره وزيادة من في قوله ﴿ من إله ﴾ لتأكيد العموم وهو رد على من قال بالتثليث من النصارى
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث حذيفة :[ أن العاقب والسيد أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد أن يلاعنهما فقال أحدهما لصاحبه : لا نلاعنه فوالله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح أبدا نحن ولا عقبنا من بعدنا فقالوا له : نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلا أمينا فقال : قم يا أبا عبيدة فلما قام قال : هذا أمين هذه الأمة ] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس :[ أن رهطا من أهل نجران قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم وكان فيهم السيد والعاقب فقالوا : ما شأنك تذكر صاحبنا ؟ قال : من هو ؟ قالوا : عيسى تزعم أنه عبد الله قالوا : فهل رأيت مثل عيسى وأنبئت به ثم خرجوا من عنده فجاء جبريل فقال : قل لهم إذا أتوك ﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ﴾ إلى آخر الآية ] وقد رويت هذه القصة على وجوه عن جماعة من التابعين وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال :[ قدم على النبي صلى الله عليه و سلم العاقب والسيد فدعاهما إلى الإسلام فقالا : أسلمنا يا محمد فقال : كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام قالا : فهات قال : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير قال جابر : فدعاهما
إلى الملاعنة فواعداه على الغد فغدا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه وأقرا له فقال : والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا قال جابر : فيهم نزلت ﴿ تعالوا ندع أبناءنا ﴾ الآية قال جابر ﴿ أنفسنا وأنفسكم ﴾ رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلي وأبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة ] ورواه أيضا الحاكم من وجه آخر عن جابر وصححه وفيه أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم هل لك أن نلاعنك ؟ وأخرج مسلم و الترمذي و ابن المنذر و الحاكم و البيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال :[ لما نزلت هذه الآية ﴿ قل تعالوا ﴾ دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي ] وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه ﴿ تعالوا ندع أبناءنا ﴾ الآية قال فجاء بأبي بكر وولده وبعمر وولده وبعثمان وولده وبعلي وولده وأخرج إبن المنذر و إبن أبي حاتم من طريق إبن جريج عن إبن عباس ﴿ ثم نبتهل ﴾ نجتهد وأخرج الحاكم وصححه و البيهقي في سننه عن ابن عباس [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : هذا الإخلاص يشير بأصبعه التي تلي الإبهام وهذا الدعاء فرفع يديه حذو منكبيه
وهذا الإبتهال فرفع يديه مدا ]