مختلف فيهما ولهذا ألغز الحصري هذه الكلمة في أبيات له قد ذكرناها١، والجواب عنها من نظم جماعة من المشايخ في الشرح الكبير وأطلق لفظ سوءات؛ ليتناول ما أضيف إلى ضمير التثنية وإلى ضمير الجمع نحو: ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ ٢، ﴿يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ ٣ وأما ﴿الْمَوْؤُودَةُ﴾ ٤.
فأجمعوا على ترك المدة في واوها الأولى؛ لأن الثانية بعد الهمزة ممدودة فلم يجمع بين مدتين والتزم ذلك فيها خلاف "سوءات"؛ لثقل مد الواو والهمزة المضمومة بخلاف الهمزة المفتوحة، ومد الألف بعدها وأما موئلا فترك مده؛ مشاكلة لرءوس الآى؛ لأن بعده موعدا.
وقد ذكر فيه في "الموءودة" علل أخر ضعيفة تركت ذكرها هنا اختصارا، وهي مذكورة في الشرح الكبير والله سبحانه أعلم وهو على كل شيء قدير.

١ لغز الحصري هو قوله:
سألتكمُ يا مقرئي الغرب كله وما من سؤال الحبر عن علمه بدُّ
بحرفين مدوا ذا وما المد أصله وذا لم يمدوه ومن أصله المدُّ
وقد جُمِعَا في كِلْمة مستبينةٍ على بعضكم تخفى ومن بعضكم تبدو
وأجابه الإمام الشاطبي بقوله:
عجبت لأهل القيروان وما جدوا لدى قصر سوآتٍ وفي همزها مدوا
لورش ومد اللين للهمز أصله سوى مشرع الثنيا إذا عذب الورد
وما بعد همز حرف مد يمده سوى ما سكون قبله ما له مد
وفي همز سؤآت يمد وقبله سكون بلا مد فمن أين ذا المد؟
يقولون عين الجمع فرع سكونها فذو القصر بالتحريك الَاصلي يعتد
ويوجب مد الهمز هذا بعينه لأن الذي بعد المحرك ممتد
ولولا لزوم الواو قلبا لحركت بجمعٍ بفعلات في الَاسما له عقد
وتحريكها الويا هزيل وإن فشا فليس له فيما روى قارئ عقد
وللحصري نظم السؤال بها وكم عليه اعتراض حين زايله الجد
ومن يعن وجه الله بالعلم فليُعن عليه وإن عنَّى به خانه الجد
وقوله سوى مشرع الثنيا: أي موضع الاستثناء من الموءودة وموئلا اهـ.
٢ سورة الأعراف، آية: ٢٢.
٣ سورة الأعراف أيضا، آية: ٢٦.
٤ سورة التكوير، آية ٨.

باب الهمزتين من كلمة:


أي باب حكم الهمزتين المعدودتين من كلمة، وكذا معنى باب الهمزتين من كلمتين، وبعض المصنفين يجعل موضع من في، وهي ظاهرة المعنى، والهمز أول حروف المعجم، والهمز: جمع همزة كتمرة وتمر، ومصدر همز همزًا، والهمز في أصل اللغة مثل الغمز والضغط، وسمى الحروف همزة؛ لأن الصوت بها يغمز ويدفع؛ لأن في النطق بها كلفة، ولذلك تجرأ على إبدالها وتسيهلها بجميع أنواع التسهيل على ما سيأتي في أبوابه.
والكلام في الهمز على طريقة مذاهب القراء يأتي في خمسة أبواب سوى ما تأخر ذكره في فرش الحروف كالمذكور في سورة الرعد من لفظ الاستفهامين، وفي الزخرف:


الصفحة التالية
Icon