سورة سبأ
هي أربع وخمسون آية
وهي مكية قال القرطبي في قول الجميع إلا آية واحدة اختلف فيها وهي قوله :﴿ ويرى الذين أوتوا العلم ﴾ فقالت فرقة هي مكية وقالت فرقة هي مدنية وسيأتي الخلاف في معنى هذه الآية إن شاء الله وفيمن نزلت وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة سبأ بمكة
قوله : ١ - ﴿ الحمد لله ﴾ تعريف الحمد مع لام الاختصاص مشعران باختصاص جميع أفراد الحمد بالله سبحانه على ما تقدم تحقيقه في فاتحة الكتاب والموصول في محل جر على النعت أو البدل أو النصب على الاختصاص أو الرفع على تقدير مبتدأ ومعنى ﴿ له ما في السموات وما في الأرض ﴾ أن جميع ما هو فيها في ملكه وتحت تصرفه يفعل به ما يشاء ويحكم فيه بما يريد وكل نعمة واصلة إلى العبد فهي مما خلقه له ومن به عليه فحمده على ما في السموات والأرض هو حمد على النعم التي أنعم بها على خلقه مما خلقه لهم ولما بين أن الحمد الدنيوي من عباده الحامدين له مختص به بين أن الحمد الأخروي مختص به كذلك فقال :﴿ وله الحمد في الآخرة ﴾ وقوله :﴿ له ﴾ نتعلق بنفس الحمد أو بما تعلق به خبر الحمد أعني في الآخرة فإنه متعلق بمتعلق عام هو الاستقرار أو نحوه والمعنى : أن له سبحانه على الاختصاص حمد عباده الذين يحمدونه في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة كما في قوله :﴿ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ﴾ وقوله :﴿ الحمد لله الذي هدانا لهذا ﴾ وقوله :﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ وقوله : الحمد لله ﴿ الذي أحلنا دار المقامة من فضله ﴾ وقوله :﴿ وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ﴾ فهو سبحانه المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للدنيا ﴿ وهو الحكيم ﴾ الذي أحكم أمر الدارين ﴿ الخبير ﴾ بأمر خلقه فيهما قيل والفرق بين الحمدين أن الحمد في الدنيا عبادة وفي الآخرة تلذذ وابتهاج لأنه قد انقطع التكليف فيها