بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المائدة:
قوله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ لم يبين هنا ما هذا الذي يتلى عليهم المستثنى من حلية بهيمة الأنعام. ولكنه بينه بقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ [٥/٣]، إلى قوله: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾، فالمذكورات في هذه الآية الكريمة كالموقوذة والمتردية، وإن كانت من الأنعام. فإنها تحرم بهذه العوارض.
والتحقيق أن الأنعام هي الأزواج الثمانية، كما قدمنا في سورة آل عمران، وقد استدل ابن عمر، وابن عباس، وغير واحد من العلماء بهذه الآية على إباحة أكل الجنين إذا ذكيت أمه ووجد في بطنها ميتاً.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن ذكاة أمه ذكاة له" كما أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث أبي سعيد.
وقال الترمذي: إنه حسن، ورواه أبو داود عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى:
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾، يعني إن شئتم، فلا يدل هذا الأمر على إيجاب الاصطياد عند الإحلال، ويدل له الاستقراء في القرآن، فإن كل شيء كان جائزاً، ثم حرم لموجب، ثم أمر به بعد زوال ذلك الموجب، فإن ذلك الأمر كله في القرآن للجواز نحو قوله هنا: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ وقوله: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [٦٢/١٠]، وقوله: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ [٢/١٨٧]، وقوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ الآية [٢/٢٢٢].
ولا ينقض هذا بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ الآية [٩/٥]؛ لأن قتلهم كان واجباً قبل تحريمه العارض بسبب الأشهر الأربعة سواء قلنا: إنها أشهر الإمهال المذكورة في قوله: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [٩/٢]، أو


الصفحة التالية
Icon