بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النور﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾.
ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل زانية وكل زان يجب جلد كل واحد منهما مائة جلدة؛ لأن الألف واللام في قوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾، إن قلنا: إنهما موصول وصلتهما الوصف الذي هو اسم الفاعل الذي هو ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾، فالموصولات من صيغ العموم.
وإن قلنا: إنهما للتعريف لتناسي الوصفية، وأن مرتكب تلك الفاحشة يطلق عليه اسم الزاني، كإطلاق أسماء الأجناس، فإن ذلك يفيد الاستغراق، فالعموم الشامل لكل زانية وكل زان، هو ظاهر الآية، على جميع الاحتمالات.
وظاهر هذا العموم شموله للعبد، والحر، والأمة، والحرة، والبكر، والمحصن من الرجال والنساء.
وظاهره أيضا: أنه لا تغرب الزانية، ولا الزاني عاما مع الجلد، ولكن بعض الآيات القرءانية دل على أن عموم الزانية يخصص مرتين.
إحداهما : تخصيص حكم جلدها مائة بكونها حرة، أما إن كانت أمة، فإنها تجلد نصف المائة وهو خمسون، وذلك في قوله تعالى في الإماء: ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]، والمراد بالمحصنات هنا: الحرائر والعذاب الجلد، وهو بالنسبة إلى الحرة الزانية: مائة جلدة والأمة عليها نصفه بنص آية "النساء" هذه، وهو خمسون؛ فآية ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]، مخصصة لعموم قوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾، بالنسبة إلى الزانية الأنثى.
وأما التخصيص المرة الثانية لعموم الزانية في آية "النور" هذه فهو بآية منسوخة التلاوة، باقية الحكم، تقتضي أن عموم الزانية هنا مخصص بكونها بكرا.