بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الذاريات:
قوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً فَالْحَامِلاتِ وِقْراً فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾.
أكثر أهل العلم، على أن المراد بالذاريات الرياح، وهو الحق إن شاء الله، ويدل عليه أن الذرو صفة مشهورة من صفات الرياح.
ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ [الكهف: ٤٥]، ومعنى ﴿تَذْرُوهُ﴾ : ترفعه وتفرقه، فهي تذرو التراب والمطر وغيرهما، ومنه قول ذي الرمة:
ومنهل آجن قفر محاضره تذرو الرياح على جماته البعرا
ولا يخفي سقوط قول من قال: إن الذاريات النساء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَالْحَامِلاتِ وِقْراً﴾ أكثر أهل العلم على أن المراد بالحاملات وقرا: السحاب. أي المزن تحمل وقرا ثقلا من الماء.
ويدل لهذا القول تصريح الله جل وعلا بوصف السحاب بالثقال، وهو جمع ثقيلة، وذلك لثقل السحابة بوقر الماء الذي تحمله كقوله تعالى: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢]، وهو جمع سحابة ثقيلة، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ [الأعراف: ٥٧].
وقال بعضهم: المراد بالحاملات وقرا: السفن تحمل الأثقال من الناس وأمتعتهم، ولو قال قائل: إن الحاملات وقرا الرياح أيضا كان وجهه ظاهرا.
ودلالة بعض الآيات عليه واضحة، لأن الله تعالى صرح بأن الرياح تحمل السحاب الثقال بالماء، وإذا كانت الرياح هي التي تحمل السحاب إلى حيث شاء الله، فنسبة حمل ذلك الوقر إليها أظهر من نسبته إلى السحاب التي هي محمولة للرياح، وذلك في قوله


الصفحة التالية
Icon