بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الواقعة:
قوله تعالى: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ، لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾.
الذي يظهر لي صوابه أن ﴿إِذَا﴾ هنا هي الظرفية المضمنة معنى الشرط، وأن قوله الآتي: ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً﴾ بدل من قوله: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ وأن جواب ﴿إِذَا﴾ هو قوله: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾، وهذا هو اختيار أبي حيان خلافا لمن زعم أنها مسلوبة معنى الشرط هنا، وأنها منصوبة بأذكر مقدرة أو أنها مبتدأ، وخلافا لمن زعم أنها منصوبة بـ: ﴿لَيْسَ﴾ المذكورة بعدها.
والمعروف عند جمهور النحويين أن ﴿إِذَا﴾ ظرف مضمن معنى الشرط منصوب بجزائه، وعليه فالمعنى: إذا قامت القيامة وحصلت هذه الأحوال العظيمة ظهرت منزلة أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة.
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ أي قامت القيامة، فالواقعة من أسماء القيامة كالطامة والصاخة والآزفة والقارعة.
وقد بين جل وعلا أن الواقعة هي القيامة في قوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ، وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ، وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٣-١٦].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ فيه أوجه من التفسير معروفة عند العلماء كلها حق، وبعضها يشهد له قرآن.
الوجه الأول: أن قوله ﴿كَاذِبَةٌ﴾ مصدر جاء بصفة اسم الفاعل، فالكاذبة بمعنى الكذب كالعافية بمعنى المعافاة، والعاقبة بمعنى العقبى، ومنه قوله تعالى عند جماعات من العلماء ﴿لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١]، قالوا معناه لا تسمع فيها لغوا، وعلى هذا القول، فالمعنى ليس لقيام القيامة كذب ولا تخلف بل هو أمر واقع يقينا لا محالة.


الصفحة التالية
Icon