بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المنافقون
قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: ١]
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الدراسة الخطاب للنبي ﷺ والمنافقون جمع منافق وهو من يظهر الإيمان ويسر الكفر.
﴿قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ أي قالوا ذلك نفاقا وخوفا ولم يقولوه خالصا من قلوبهم ولذا قال الله ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾، وإنما شهد عليهم بالكذب مع أن ظاهر قولهم حق لأن بواطنهم تكذب ظواهرهم لأن الأعمال بالنيات وإنما كسر همزة إن في المواضع الثلاثة لأنها بعد فعل معلق باللام ولولا ذلك لفتحت لأنها في محل المصدر.
ولأبي حيان قول حسن في ذلك إذ قال إن قولهم ﴿نَشْهَدُ﴾ يجري مجرى اليمين ولذلك تلقى بما يتلقى به القسم وكذا فعل اليقين والعلم يجري مجرى القسم بقوله ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾، أعني بقصد التوكيد بإن واللام ثم قال وأصل الشهادة أن يواطى ء اللسان القلب هذا بالنطق وذلك بالاعتقاد فأكذبهم الله وفضحهم بقوله ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾
أي لم تواطىء قلوبهم ألسنتهم على تصديقك واعتقادهم أنك غير رسول فهم كاذبون عند الله وعند من عرف حالهم أو كاذبون عند أنفسهم إذ أنهم يعتقدون أن قولهم ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾، كذب
وجاء قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ بين شهادتهم وتكذيبهم إيذانا بأن الأمر كما قالوا على حد قوله تعالى ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [٨٤/٢٨-٢٩].


الصفحة التالية
Icon