المجلد الثالث عشر
تفسير سورة الفرقان
...
الجزء ١٣ من الطبعة
سورة الفرقان
مقدمة السورة
مكية كلها في قول الجمهور. وقال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وهي: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] إلى قوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان: ٧٠]. وقال الضحاك: هي مدنية، وفيها آيات مكية؛ قوله: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾ الآيات. ومقصود هذه السورة ذكر موضع عظم القرآن، وذكر مطاعن الكفار في النبوة والرد على مقالاتهم وج هالاتهم؛ فمن جملتها قولهم: إن القرآن افتراه محمد، وإنه ليس من عند الله.
الآية: [١] ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾
الآية: [٢] ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾
الآية: [٣] ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً﴾
قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ﴾ ﴿تبارك﴾ اختلف في معناه؛ فقال الفراء: هو في العربية و"تقدس" واحد، وهما للعظمة. وقال الزجاج: ﴿تبارك﴾ تفاعل من البركة. قال: ومعنى البركة الكثرة من كل ذي خير. وقيل: ﴿تبارك﴾ تعالى. وقيل: تعالى عطاؤه، أي زاد وكثر. وقيل: المعنى دام وثبت إنعامه. قال النحاس: وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق؛ من برك الشيء إذا ثبت؛ ومنه برك الجمل والطير على الماء، أي دام