سورة الشعراء
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٤٣
مقصودها أن هذا الكتاب بين في نفسه بإعجازه أنه من عند الله، مبين لكل ملتبس، ومن ذلك بيان آخر التي قبلها بتفصيلهن وتنزيله على أحوال الأمم وتمثيله، وتسكين أسفه ﷺ خوفاً من أن يعم أمته الهوان بعدم الإيمان، وأن يشتد قصدهم لأتباعه بالأذى والعدوان بما تفهمه ﴿سوف﴾ من طول الزمان، بالإشارة إلى إهلاك من علم منه دوام العصيان، ورحمة من أراده للهداية والإحسان، وتسميتها بالشعراء أدل دليل على ذلك بما يفارق به القرآن الشعر من علو مقامه، واستقامة مناهجه وعز مرامه، وصدق وعده ووعيده وعدل تبشيره وتهديده، وكذا تسميتها بالظلة إشارة إلى أنه أعدل في بيانه، أو أدل في جميع شأنه، من المقادير التي دلت عليها قصة شعيب عليه السلام بالمكيال والميزان، وأحرق من الظلة لمن يبارزه بالعصيان.
﴿بسم الله﴾ الذي دل على علو كلامه، على عظمة شأنه وعز مرامه ﴿الرحمن﴾ الذي لا يعجل على من عصاه ﴿الرحيم*﴾ الذي يحيي قلوب أهل وده بالتوفيق لما يرضاه ﴿طسم*﴾ لعله إشارة إلى الطهارة الواقعة بذي طوى ن طور سيناء وطيبة ومكة وطيب ما نزل على محمد ﷺ مما يجمع ذلك كله - كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يرشد إلى ذلك، وإلى خلاص بني إسرائيل بما سمعه موسى عليه السلام من الكلام القديم، وبإتمام أمرهم بتهيئتهم للملك بإغراق فرعون وجنوده ونصرهم على من نأوأهم في ذلك الزمان بعد تطهيرهم بطول البلاء الذي أوصلهم إلى ذل العبودية، وذلك كله إشارة إلى تهديد قريش بأنهم إن لم يتركوا لددهم فعل بهم ما فعل بفرعون وجنوده من الإذلال بأي وجه أراد.
وخلص عباده منهم، وأعزهم على كل من نأوأهم.
٣٤٤


الصفحة التالية
Icon