سورة الأحزاب
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٦
فقال :﴿يا ايها النبي﴾ عبر بأداة التوسط إيماء إلى أن وقت نزول السورة - وهو آخر سنة خمس، غب وقعة الأحزاب - أوسط مدة ما بعد الهجرة إلاحة إلى أنه لم يبق من أمد كمال النصرة التي اقتضاها وصف النبوة الدال على الرفعة إلا القليل وعبر به لاقتضاء مقصود السورة مقام النبوة الذي هو بين الرب وعبده في تقريبه وإعلائه إلى جنابه إذا قرئ بغير همز، وإن قرئ به كان اللحظ إلى إنبائه بالخفي وتفصيله للجلي، وقال الحرالي في كتاب له في أصول الدين : حقيقة النبوة ورود غيب ظاهر أي من الحق بالوحي لخاص من الخلق، خفي عن العامة منهم، ثم قد يختص مقصد ذلك الوارد المقيم لذلك الواحد بذاته، فيكون نبياً غير رسول، وقد يرد عليه عند
٦٧
تمام أمره ذاته موارد إقامة غيره فيصير رسولاً.
والرتبة الأولى كثيرة الوقوع في الخلق، وهي النبوة، والثانية قليلة الوقوع، فالرسل معشار معشار الأنبياء، وللبنوة اشتقاقان : أحدهما من النبأ وهو الخبر، وذلك لمن اصطفي من البشر لرتبة السماع والإنباء فنبئ ونبأ غيره من غير أن يكون عنده حقيقة ما نبيء به ولا ما نبأ فيكون حامل علم، والاشتقاق الثاني من النبوة وهي الارتفاع والعلو، وذلك لمن أعلى عن رتبة النبأ إلى رتبة العلم.
فكان مطلعاً على علم ما ورد عليه من الغيب على حقيقته وكماله، فمن علا عن الحظ المتنزل العقلي إلى رتبة سماع، كان نبيئاً بالهمز، ومن علا عن ذلك إلى رتبة علم بحقيقة ذلك كان نبياً غير مهموز، فآدم عليه السلام مثلاً في علم الأسماء نبي بغير همز، وفي ما وراءه نبيء بهمز، وفيما وراءه نبئ بهمز - انتهى - ولم يناده سبحانه باسمه تشريفاً لقدره، وإعلاء لمحله، وحيث سماه باسمه في الأخبار فللتشريف من جهة أخرى، وهي تعيينه وتخصيصه إزالة للبس عنه، وقطعاً لشبه التعنت.


الصفحة التالية
Icon