سورة الدخان
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦١
مقصودها الإنذار من الهلكة لمن لم يقبل ما في الذكر الكريم الحكيم من الخير والبركة رحمة جعلها بين عامة مشتركة، وعلى ذلك دل اسمها الدخان إذا تؤملت آياته وإفصاح ما فيها وإشاراته ﴿بسم الله﴾ الملك الجبار الواحد القهار ﴿الرحمن﴾ الذي عم بنعمة النذارة ﴿الرحيم﴾ الذي خص أهل وداده برحمة البشارة.
تقدمت الإشارة إلى شيء من أسرار أخواتها.
ولما ختمت الزخرف ببشارة باطنة ونذارة ظاهرة، وكان ما بشر به سبحانه من علم العرب وسلامتهم من غوائل ما كانوافيه مستبعداً، افتتح هذا بمثل ذلك مقسماً عليه.
فقال :﴿والكتاب﴾ أي الجامع لكل خير ﴿المبين﴾ أي البين في نفسه، الموضح لما تقدم من دقيق البشارة لأهل الصفاء والبصارة، واضح النذارة بصريح العبارة، وغير ذلك من كل ما يراد منه، ولأجل ما ذكر من الاستبعاد أكد جواب القسم وأتى به في مظهر العظمة فقال :﴿إنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿أنزلناه﴾ أي الكتاب إما جميعاً إلى بيت العزة في سماء الدنيا أو ابتدأنا إنزاله إلى الأرض ﴿في ليلة مباركة﴾ أي ليلة القدر - قاله ابن عباس رضي الله عنهما أو النصف من شعبان، فلذلك يتأثر عنه من التأثيرات ما لم تحط به الأفهام في الدين والدنيا، قال الأستاذ أبو القاسم القشيري : ينزل إلى سماء الدنيا كل سنة بمقدار ما كان جبريل عليه السلام ينزله على الرسول ﷺ في تلك السنة وسماها ﴿مباركة﴾ لأنها ليلة افتتاح الوصلة وأشد الليالي بركة يكون العبد فيها
٦٢
حاضراً بقلبه مشاهداً لربه، يتنعم فيها بأنوار الوصلة ويجد فيها نسيم القربة، وقال الرازي في اللوامع : وأعظم الليالي بركة ما كوشف فيها بحقائق الأشياء.