سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
مكية
قال الرازي بإجماع : وهي مائة وإحدى أو ثنتا عشرة آية وألف ومائة وستون كلمة وأربعة آلاف وثمان وتسعون حرفاً
﴿بسم الله﴾ الحكم العدل الذي تمت قدرته وعمّ أمره ﴿الرحمن﴾ الذي ساوى بين خلقه في رحمة إيجاده ﴿الرحيم﴾ الذي نجى من شاء من عباده في معاده قال أبو جعفر بن الزبير في برهانه لما تقدم قوله تعالى :﴿ولا تمدن عينيك﴾ (الحجر، ٨٨)
إلى قوله :﴿فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى﴾ (طه، ١٣٥)
قال تعالى :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٤٦
﴿اقترب﴾ أي : قرب ﴿للناس حسابهم﴾ أي : في يوم القيامة أي : فلا تمدن عينيك إلى ذلك فإني جعلته فتنة، وأشار بصيغة الافتعال إلى مزيد القرب ؛ لأنه لا أمة بعد هذه ينتظر أمرها، وأخر الفاعل تهويلاً لتذهب النفس في تعيينه كل مذهب فإن قيل : كيف وصف ذلك اليوم بالاقتراب وقد عدت دون هذا القول أكثر من تسعمائة عام أجيب بأنه مقترب عند الله، والدليل عليه قوله تعالى :﴿ويستعجلونك بالعذاب وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون﴾ (الحج، ٤٧)
ولأن كل آت، وإن طالت أوقات استقباله وترقبه قريب وإنما البعيد هو الذي وجد وانقرض قال
٥٤٧
الشاعر :
*فلا زال ما تهواه أقرب من غد
** ولا زال ماتخشاه أبعد من أمس
ولأنّ ما بقي من الدنيا أقصر وأقل مما سلف منها بدليل انبعاث خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه الموعود ببعثه في آخر الزمان، وقال :"بعثت أنا والساعة كهاتين"، وأشار بإصبعيه وقال ﷺ "ختمت النبوة بي" كل ذلك لأجل أن الباقي من مدة التكليف أقل من الماضي، وعن ابن عباس أن المراد بالناس المشركون وهو من إطلاق اسم الجنس على بعضه للدليل القائم، وهو ما يتلوه من صفات المشركين، وهو قوله تعالى :﴿وهم﴾ أي : والحال أنهم ﴿في غفلة﴾ أي : عن الحساب ﴿معرضون﴾ عن التأهب لهذا اليوم لا يتفكرون في عاقبتهم، ولا يتفطنون لما يرجع إليه خاتمة أمرهم مع اقتضاء عقولهم أنه لا بد من جزاء المحسن والمسيء، وأيضاً إن هذه الآية نزلت في كفار مكة، ولما أخبر تعالى عن غفلتهم وإعراضهم دلّ على ذلك بقوله :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٤٧


الصفحة التالية
Icon