سورة طه
وهي مائة وثلاثون وخمس آيات
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ٥
١٥
سورة طه
اعلم أن قوله ﴿طه﴾ فيه مسألتان :
المسألة الأولى : قرأ أبو عمرو بفتح الطاء وكسر الهاء وقرأ أهل المدينة بين الفتح والكسر وقرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الطاء وقرأ حمزة والكسائي بكسر الطاء والهاء، قال الزجاج وقرىء طه بفتح الطاء وسكون الهاء وكلها لغات. قال الزجاج من فتح الطاء والهاء فلأن ما قبل الألف مفتوح ومن كسر الطاء والهاء فأمال الكسرة لأن الحرف مقصور والمقصور يغلب عليه الإمالة إلى الكسرة.
المسألة الثانية : للمفسرين فيه قولان : أحدهما : أنه من حروف التهجي والآخر أنه كلمة مفيدة، أما على القول الأول فقد تقدم الكلام فيه في أول سورة البقرة والذي زادوه ههنا أمور :/ أحدها : قال الثعلبي : طا شجرة طوبى والهاء الهاوية فكأنه أقسم بالجنة والنار. وثانيها : يحكى عن جعفر الصادق عليه السلام الطاء طهارة أهل البيت والهاء هدايتهم. وثالثها : يا مطمع الشفاعة للأمة ويا هادي الخلق إلى الملة. ورابعها : قال سعيد بن جبير هو افتتاح اسمه الطيب الطاهر الهادي. وخامسها : الطاء من الطهارة والهاء من الهداية كأنه قيل يا طاهراً من الذنوب ويا هادياً إلى علام الغيوب. وسادسها : الطاء طول القراء والهاء هيبتهم في قلوب الكفار. قال الله تعالى :﴿سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ (آل عمران : ١٥١). وسابعها : الطاء تسعة في الحساب والهاء خمسة تكون أربعة عشر ومعناه يا أيها البدر وقد عرفت فيما تقدم أن أمثال هذه الأقوال لا يجب أن يعتمد عليها. القول الثاني : قول من قال : إنها كلمة مفيدة وعلى هذا القول ذكروا وجهين : أحدهما : معناه يا رجل وهو مروي عن ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعكرمة والكلبي رضي الله عنهم ثم قال سعيد بن جبير بلسان النبطية وقال قتادة بلسان السريانية وقال عكرمة بلسان الحبشة وقال الكلبي بلغة عك وأنشد الكلبي لشاعرهم :
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ١٥
إن السفاهة طه في خلائقكم
لا قدس الله أرواح الملاعين
وقد تكلم الناس على هذا القول من وجهين : الأول : أنه بمعنى يا رجل في اللغة حمل عليه لكنه لا يجوز إن ثبت على هذا المعنى إلا في لغة العرب إذ القرآن بهذه اللغة نزل فيحتمل أن تكون لغة العرب في هذه اللفظة موافقة لسائر اللغات التي حكيناها، فأما على غير هذا الوجه فلا يحتمل ولا يصح. الثاني : قال صاحب "الكشاف" : إن كان طه في لغة عك بمعنى يا رجل فلعلهم تصرفوا في يا هذا فقلبوا الياء طاء فقالوا : طا واختصروا في هذا واقتصروا على ها فقوله طه بمعنى يا هذا واعترض بعضهم عليه وقالوا : لو كان كذلك لوجب أن يكتب أربعة أحرف طا ها. وثانيهما : أنه عليه السلام كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه فأمر أن يطأ الأرض بقدميه معاً وكان الأصل طأ فقلبت همزته هاء كما قالوا هياك في إياك وهرقت في أرقت ويجوز أن يكون الأصل من وطىء على ترك الهمزة فيكون أصله طأ يا رجل ثم أثبت الهاء فيها للوقف والوجهان ذكرهما الزجاج، أما قوله تعالى :﴿مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قال صاحب "الكشاف" : إن جعلت طه تعديداً لأسماء الحروف فهذا ابتداء كلام وإن جعلتها اسماً للسورة احتمل أن يكون قوله :﴿مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى ﴾ خبراً عنها وهي في موضع المبتدأ والقرآن ظاهر أوقع موقع المضمر لأنها قرآن وأن يكون جواباً لها وهي قسم.
المسألة الثانية : قرىء ﴿مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى ﴾.
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ١٥