سورة الدخان
خمسون وتسع آيات مكية
إلا قوله ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ﴾ بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
جزء : ٢٧ رقم الصفحة : ٦٥٨
٦٦٠
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : في قوله ﴿حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ وجوه من الاحتمالات أولها : أن يكون التقدير : هذه حم والكتاب المبين كقولك هذا زيد والله وثانيها : أن يكون الكلام قد تمّ عند قوله ﴿حم ﴾ ثم يقال ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ﴾، وثالثها : أن يكون التقدير : وحم، والكتاب المبين، إنا أنزلناه، فيكون ذلك في التقدير قسمين على شيء واحد.
المسألة الثانية : قالوا هذا يدل على حدوث القرآن لوجوه الأول : أن قوله ﴿حم ﴾ تقديره : هذه حم، يعني هذاشيء مؤلف من هذه الحروف، والمؤلفد من الحروف المتعاقبة محدث الثاني : أنه ثبت أن الحلف لا يصح بهذه الأشياء بل بإله هذه الأشياء فيكون التقدير ورب حم ورب الكتاب المبين، وكل من كان مربوباً فهو محدث الثالث : أنه وصفه بكونه كتاباً والكتاب مشتق من الجمع فمعناه أنه مجموع والمجموع محل تصرف الغير، وما كان كذلك فهو محدث الرابع : قوله ﴿إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ﴾ والمنزل محل تصرف الغير، وما كان كذلك فهو محدث، وقد ذكرنا مراراً أن جميع هذه الدلائل تدل على أن الشيء المركب من الحروف المتعاقبة والأصوات المتوالية محدث، والعلم بذلك ضروري بديهي، لا ينازع فيه إلا من كان عديم العقل وكان غير عارف بمعنى القديم والمحدث، وإذا كان كذلك فكيف ينازع في صحة هذه الدلائل، إنما الذي ثبت قدمه شيء آخر سوى ما تركب من هذه الحروف والأصوات.
المسألة الثالثة : يجوز أن يكون المراد بالكتاب ههنا الكتب المتقدمة التي أنزلها الله على أنبيائه، كما قال تعالى :﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾ (الحديد : ٢٥) ويجوز أن يكون المراد اللوح المحفوظ، كما قال :﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُا وَعِندَه ا أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (الرعد : ٣٩) وقال :﴿وَإِنَّه فِى أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا﴾ (الزخرف : ٤) ويجوز أن يكون المراد به القرآن، وبهذا التقدير فقد أقسم بالقرآن على أنه أنزل القرآن في ليلة مباركة، وهذا النوع من الكلام يدل على غاية تعظيم القرآن، فقد يقول الرجل إذا أراد تعظيم رجل له حاجة إليه : أستشفع بك إليك وأقسم بحقك عليك.
جزء : ٢٧ رقم الصفحة : ٦٦٠


الصفحة التالية
Icon