سورة الجاثية
ثلاثون وسبع آيات مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء : ٢٧ رقم الصفحة : ٦٧٣٦٧٤
فيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أن قوله دحم، تنزيل الكتاب} وجوهاً الأول : أن يكون وجوهاً الأول : أن يكون ﴿حم ﴾ مبتدأ و﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ﴾ خبره وعلى هذا التقدير فلا بد من حذف مضاف، والتقدير تنزيل حم، تنزيل الكتاب، و﴿مِنَ اللَّهِ﴾ صلة للتنزيل الثاني : أن يكون قوله ﴿حم ﴾ في تقدير : هذه حم ثم نقول ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ﴾ واقع من الله العزيز الحكيم الثالث : أن يكون ﴿حم ﴾ قسماً ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ نعتاً له، وجواب القسم ﴿إِنَّ فِى السَّمَاوَاتِ﴾ والتقدير : وحم الذي هو تنزيل الكتاب أن الأمر كذا وكذا.
المسألة الثانية : قوله ﴿الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ يجوز جعلهما صفة للكتاب، ويجوز جعلهما صفة لله تعالى، إلا أن هذا الثاني أولى، ويدل عليه وجوه الأول : أنا إذا جعلناهما صفة لله تعالى كان ذلك حقيقة، وإذا جعلناهما صفة للكتاب كان ذلك مجازاً والحقيقة أولى من المجاز الثاني : أن زيادة القرب توجب الرجحان الثالث : أنا إذا جعلنا العزيز الحكيم صفة لله كان ذلك إشارة إلى الدليل الدال على أن الفرآن حق، لأن كونه عزيزاً يدل على كونه قادراً على كل الممكنات وكونه حكيماً يدل على كونه عالماً بجميع المعلومات غنياً عن كل الحاجات، ويحصل لنا من مجموع كونه تعالى : عزيزاً حكيماً كونه قادراً على جميع الممكنات، عالماً بجميع المعلومات، غنياً عن كل الحاجات، وكل ما كان كذلك امتنع منه صدور العبث والباطل، وإذا كان كذلك كان ظهور المعجز دليلاً على الصدق، فثبت أنا إذا جعلنا كونه عزيزاً حكيماً صفتين لله تعالى يحصل منه هذه الفائدة، وأما إذا جعلناهما صفتين للكتاب لم يحصل منه هذه الفائدة، فكان الأول أولى والله أعلم.
جزء : ٢٧ رقم الصفحة : ٦٧٤
ثم قال تعالى :﴿إِنَّ فِى السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ لايَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ وفيه مباحث :
البحث الأول : أن قوله ﴿إِنَّ فِى السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ لايَاتٍ﴾ يجوز إجراؤه على ظاهره، لأنه حصل في ذوات السموات والأرض أحوال دالة على وجود الله تعالى مثل مقاديرها وكيفياتها وحركاتها، وأيضاً الشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار موجودة في السموات والأرض وهي آيات، ويجوز أن يكون المعنى : إن في خلق السموات والأرض كما صرّح به في سورة البقرة في قوله ﴿إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ﴾ (البقرة : ١٦٤) وهو يدل على وجود القادر المختار في تفسير قوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ﴾ (الأنعام : ١).