سورة الحجرات
ثماني عشرة آية مدنية
جزء : ٢٨ رقم الصفحة : ٩١
في بيان حسن الترتيب وجوه : أحدها : أن في السورة المتقدمة لما جرى منهم ميل إلى الامتناع مما أجاز النبي صلى الله عليه وسلّم من الصلح وترك آية التسمية والرسالة وألزمهم كلمة التقوى كأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لهم على سبيل العموم : لا تقدموا بين يدي الله ورسوله، ولا تتجاوزوا ما يأمر الله تعالى ورسوله الثاني : هو أن الله تعالى لما بيّن محل النبي عليه الصلاة والسلام وعلو درجته بكونه رسوله الذي يظهر دينه وذكره بأنه رحيم بالمؤمنين بقوله ﴿رَّحِيمٌ﴾ (التوبة : ١٢٨) قال لا تتركوا من احترامه شيئاً لا بالفعل ولا بالقول، ولا تغتروا برأفته، وانظروا إلى رفعة درجته الثالث : هو أن الله تعالى وصف المؤمنين بكونهم أشداء ورحماء فيما بينهم راكعين ساجدين نظراً إلى جانب الله تعالى، وذكر أن لهم من الحرمة عند الله ما أورثهم حسن الثناء في الكتب المتقدمة بقوله ﴿ذَالِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَا ةِا وَمَثَلُهُمْ فِى الانجِيلِ﴾ (الفتح : ٢٩) فإن الملك العظيم لا يذكر أحداً في غيبته إلا إذا كان عنده محترماً ووعدهم بالأجر العظيم، فقال في هذه السورة لا تفعلوا ما يوجب انحطاط درجتكم وإحباط حسناتكم ولا تقدموا. فقال وقيل في سبب نزول الآية وجوه : قيل نزلت في صوم يوم الشك، وقيل نزلت في التضحية قبل صلاة العيد، وقيل نزلت في ثلاثة قتلوا اثنين من سليم ظنوهما من بني عامر، وقيل نزلت في جماعة أكثروا من السؤال وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلّم وفود والأصح أنه إرشاد عام يشمل الكل ومنع مطلق يدخل فيه كل إثبات وتقدم واستبداد بالأمر وإقدام على فعل غير ضروري من غير مشاورة وفي التفسير مسائل :
جزء : ٢٨ رقم الصفحة : ٩١


الصفحة التالية
Icon