سورة المعارج
أربعون وأربع آيات
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٠
٦٤٠
اعلم أن قوله تعالى :﴿سَأَلَ﴾ فيه قراءتان منهم من قرأه بالهمزة، ومنهم من قرأه بغير همزة، أما الأولون وهم الجمهور فهذه القراءة تحتمل وجوهاً من التفسير : الأول : أن النضر بن الحرث لما قال :﴿اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَاذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الأنفال : ٣٢) فأنزل الله تعالى هذه الآية ومعنى قوله :﴿سَأَلَ سَآا ِلُ ﴾ أي دعا داع بعذاب واقع من قولك دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه، ومنه قوله تعالى :﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ ءَامِنِينَ﴾ (الدخان : ٥٥) قال ابن الأنباري : وعلى هذا القول تقدير الباء الإسقاط، وتأويل الآية : سأل سائل عذاباً واقعاً، فأكد بالباء كقوله تعالى :﴿وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ (مريم : ٢٥) وقال صاحب الكشاف لما كان ﴿سَأَلَ﴾ معناه ههنا دعا لا جرم عدى تعديته كأنه قال دعا داع بعذاب من الله الثاني : قال الحسن وقتادة لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلّم وخوف المشركين بالعذاب قال المشركون : بعضهم لبعض سلوا محمداً لمن هذا العذاب وبمن يقع فأخبره الله عنه بقوله :﴿سَأَلَ سَآا ِلُا بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ قال ابن الأنباري : والتأويل على هذا القول :(سأل سائل) عن عذاب والباء بمعنى عن، كقوله :
فإن تسألوني بالنساء فإنني
بصير بأدواء النساء طبيب
وقال تعالى :﴿الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ﴾ (الفرقان : ٥٩) وقال صاحب "الكشاف" :﴿سَأَلَ﴾ على هذا الوجه في تقدير عنى واهتم كأنه قيل : اهتم مهتم بعذاب واقع الثالث : قال بعضهم : هذا السائل هو رسول الله استعجل بعذاب الكافرين، فبين الله أن هذا العذاب واقع بهم، فلا دافع له قالوا : والذي يدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى في آخر الآية :﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا﴾ (المعارج : ٥) وهذا يدل على أن ذلك السائل هو الذي أمره بالصبر الجميل، أما القراءة الثانية وهي (سال) بغير همز فلها وجهان : أحدهما : أنه أراد ﴿سَأَلَ﴾ بالهمزة فخفف وقلب قال :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٠
سألت قريش رسول الله فاحشة
ضلت هذيل بما سالت ولم تصب


الصفحة التالية
Icon