سورة الزلزلة
وهي ثمان آيات مكية
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٢٥٥
٢٥٦
﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الارْضُ زِلْزَالَهَا﴾ ههنا مسائل :
المسألة الأولى : ذكروا في المناسبة بين أول هذه السورة وآخر السورة المتقدمة وجوهاً أحدها : أنه تعالى لما قال :﴿جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ فكأن المكلف قال : ومتى يكون ذلك يا رب فقال :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الارْضُ زِلْزَالَهَا﴾ فالعالمون كلهم يكونون في الخوف، وأنت في ذلك الوقت تنال جزاؤك وتكون آمناً فيه، كما قال :﴿وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَا ِذٍ ءَامِنُونَ﴾ وثانيها : أنه تعالى لما ذكر في السورة المتقدمة وعيد الكافر ووعد المؤمن أراد أن يزيد في وعيد الكافر، فقال : أجازيه حين يقول الكافر السابق ذكره : ما للأرض تزلزل، نظير قوله :﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ ثم ذكر الطائفتين فقال :﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ ثم جمع بينهم في آخر السورة فذكر الذرة من الخير والشر.
المسألة الثانية : في قوله :﴿إِذَا﴾ بحثان أحدهما : أن لقائل أن يقول :﴿إِذَا﴾ للوقت فكيف وجه البداية بها في أول السورة ؟
وجوابه : من وجوه الأول : كانوا يسألونه متى الساعة ؟
فقال :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الارْضُ﴾ كأنه تعالى قال : لا سبيل إلى تعيينه بحسب وقته ولكني أعينه بحسب علاماته، الثاني : أنه تعالى أراد أن يخبر المكلف أن الأرض تحدث وتشهد يوم القيامة مع أنها في هذه الساعة جماد فكأنه قيل : متى يكون ذلك ؟
فقال :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الارْضُ﴾.
البحث الثاني : قالوا كلمة :﴿ءَانٍ﴾ في المجوز، ﴿وَإِذَآ﴾ في المقطوع به، تقول : إن دخلت الدار فأنت طالق لأن الدخول يجوز، أما إذا أردت التعليق بما يوجد قطعاً لا تقول : إن بل تقول : إذا (نحو إذا) جاء غد فأنت طالق لأنه يوجد لا محالة. هذا هو الأصل، فإن استمل على خلافه فمجاز، فلما كان الزلزال مقطوعاً به قال :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ﴾.
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٢٥٦