سورة الإخلاص
أربع آيات مكية
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٦٥
٣٦٩
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ قبل الخوض في التفسير لا بد من تقديم فصول :
الفصل الأول : روى أبي، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :"من قرأ سورة قل هو الله أحد، فكأنما قرأ ثلث القرآن وأعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من أشرك بالله وأمن بالله" وقال عليه الصلاة والسلام :"من قرأ قل هو الله أحد مرة واحدة أعطى من الأجر كمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأعطى من الأجر مثل مائة شهيد"، وروى :"أنه كان جبريل عليه السلام مع الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أقبل أبو ذر الغفاري، فقال جبريل : هذا أبو ذر قد أقبل، فقال عليه الصلاة والسلام : أو تعرفونه ؟
قال : هو أشهر عندنا منه عندكم، فقال عليه الصلاة والسلام : بماذا نال هذه الفضيلة ؟
قال لصغره في نفسه وكثرة قراءته قل هو الله أحد" وروى أنس قال :"كنا في تبوك فطلعت الشمس مالها شعاع وضياء وما رأيناها على تلك الحالة قط قبل ذلك فعجب كلنا، فنزل جبريل وقال : إن الله أمر أن ينزل من الملائكة سبعون ألف ملك فيصلوا على معاوية بن معاوية، فهل لك أن تصلي عليه ثم ضرب بجناحه الأرض فأزال الجبال وصار الرسول عليه الصلاة والسلام كأنه مشرف عليه فصلى هو وأصحابه عليه، ثم قال : بم بلغ ما بلغ ؟
فقال جبريل : كان يحب سورة الإخلاص" وروى :"أنه دخل المسجد فسمع رجلاً يدعو ويقول أسألك يا ألله يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فقال : غفر لك غفر لك غفر لك ثلاث مرات" وعن سهل بن سعد :"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وشكا إليه الفقر فقال : إذا دخلت بيتك فسلم إن كان فيه أحد وإن لم يكن فيه أحد فسلم على نفسك، واقرأ قل هو الله أحد مرة واحدة ففعل الرجل فأدر الله عليه رزقاً حتى أفاض على جيرانه" وعن أنس :"أن رجلاً كان يقرأ في جميع صلاته :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فسأله الرسول عن ذلك فقال : يا رسول الله إني أحبها، فقال : حبك إياها / يدخلك الجنة" وقيل من قرأها في المنام : أعطي التوحيد وقلة العيال وكثرة الذكر لله، وكان مستجاب الدعوة.
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٦٩
الفصل الثاني : في سبب نزولها وفيه وجوه الأول : أنها نزلت بسبب سؤال المشركين، قال الضحاك : إن المشركين أرسلوا عامر بن الطفيل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقالوا : شققت عصانا وسببت آلهتنا، وخالفت دين آبائك، فإن كنت فقيراً أغنيناك، وإن كنت مجنوناً داويناك، وإن هويت امرأة زوجناكها، فقال عليه الصلاة والسلام : لست بفقير، ولا مجنون، ولا هويت امرأة، أنا رسول الله أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته، فأرسلوه ثانية وقالوا : قل له بين لنا جنس معبودك، أمن ذهب أو فضة، فأنزل الله هذه السورة، فقالوا له : ثلثمائة وستون صنماً لا تقوم بحوائجنا، فكيف يقوم الواحد بحوائج الخلق ؟
فنزلت :﴿وَالصَّا فَّاتِ﴾ إلى قوله :﴿إِنَّ إِلَاهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ فأرسلوه أخرى، وقالوا : بين لنا أفعاله فنزل :﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ﴾ الثاني : أنها نزلت بسبب سؤال اليهود روى عكرمة عن ابن عباس، أن اليهود جاؤا إلى رسول الله ومعهم كعب بن الأشرف، فقالوا : يا محمد هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله ؟
فغضب نبي الله عليه السلام فنزل جبريل فسكنه، وقال : اخفض جناحك يا محمد، فنزل :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فلما تلاه عليهم قالوا : صف لنا ربك كيف عضده، وكيف ذراعه ؟
فغضب أشد من غضبه الأول، فأتاه جبريل بقوله :﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه ﴾ الثالث : أنها نزلت بسبب سؤال النصارى، روى عطاء عن ابن عباس، قال : قدم وفد نجران، فقالوا : صف لنا ربك أمن زبرجد أو ياقوت، أو ذهب، أو فضة ؟
فقال : إن ربي ليس من شيء لأنه خالق الأشياء فنزلت :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ قالوا : هو واحد، وأنت واحد، فقال : ليس كمثله شيء، قالوا : زدنا من الصفة، فقال :﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ فقالوا : وما الصمد ؟
فقال : الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج، فقالوا : زدنا فنزل :﴿لَمْ يَلِدْ﴾ كما ولدت مريم :﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ كما ولد عيسى :﴿وَلَمْ يَكُن لَّه كُفُوًا أَحَدُ ﴾ يريد نظيراً من خلقه.
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٦٩


الصفحة التالية
Icon