سورة النحل
مكية وأياتها ثمان وعشرون ومائة آية
بين يدي السورة
سورة النحل من السور المكية التي تعالج موضوعات العقيدة الكبرى (الألوهية، والوحي، والبعث والنشور) وإلى جانب ذلك تتحدث عن دلائل القدرة والوحدانية، في ذلك العالم الفسيح، في السموات والأرض، والبحار والجبال، والسهولِ والوديان، والماء الهاطل، والنبات النامي، والفلك التي تجري في البحر، والنجوم التي يهتدي بها السالكون في ظلمات الليل، إلى آخر تلك المشاهد التي يراها الإنسان في حياته، ويدركها بسمعه وبصره، وهي صور حية مشاهدة، دالة على وحدانية الله جل وعلا، وناطقة بأثار قدرته التي أبدع بها جل جلاله الكائنات.
* تناولت السورة الكريمة في البدء أمر الوحي " الذي كان مجال إنكار المشركين واستهزائهم، فقد كذبوا بالوحي واستبعدوا قيام الساعة، واستعجلوا الرسول (ص) أن يأتيهم بالعذاب الذي خوفهم به، وكلما تأخر العذاب زادوا استعجالا وسخرية، وزادوا استهزاء واستهتاراً.
* ولقد هدفت السورة الكريمة إلى تقرير مبدأ (وحدانية الله ) جل وعلا بلفت الأنظار إلى قدرة الله الواحد القهار، فخاطبت كل حاسةٍ في الإنسان، وكل جارحةٍ في كيانه البشري، ليتجه بعقله إلى ربه، ويستنير بما يرى من آثار صنع الله على عظمة الله سبحانه وتعالى.
* ثم تتابعت السورة الكريمةُ تذكر الناس بنتيجة الكفر بنعم الله، وعدم القيام بشكرها، وتحذرهم تلك العاقبة الوخيمة التي يئول إليها مصيرُ كل معاند وجاحد.
* وختمت السورة الكريمة بأمر الرسول (ص) بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والصبر والعفو عما يلقاه من الأذى في سبيل تبليغ دعوة الله، فله عند الله الجزاء الأوفى. التسميه : سميت هذه السورة الكريمة بسورة النحل " لاشتمالها على تلك العبرة التي تشير إلى عجيب صنع الخالق، وتدل على الألوهية بهذا الصنع العجيب
اللغه :
[ نطفة ] النطفة الماء المهين الذي يتكون منه الإنسان، مِن نطَف إذا قطر
[ دفء ] الدفء : ما يستدفىء به الإنسان من البرد
[ تريحون ] الرواح : رجوع المواشى بالعشي من المرعى
[ تسرحون ] السراح : الخروج بها صباحا إلى المرعى
[ أثقالكم ] الأثقال : الأمتعة جمع ثقل سميت أثقالا لأنها ثقيلة الحمل
[ جائر ] مائل عن الحق
[ تسيمون ] أسام الماشية تركها ترعى، وسامت هي إذا رعت حيث شاءت فهي سائمة
[ ذرأ ] خلق وأبدع
[ مواخر ] أصل المخر شق الماء عن يمين وشمال، يقال : مخرت السفينةُ إذا جرت تشق الماء مع صوت
[ تميد ] تضطرب.
سبب النزول :
قال ابن عباس : لما نزل قوله تعالى [ اقتربت الساعة ] قال الكفار بعضهم لبعض : إن محمدا يزعم أن القيامة قد اقتربت، فأَمسِكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر، فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد : ما نرى شيئا مما تُخَوفنا به ؟! فأنزل الله تعالى [ أتى أمرُ الله فلا تستعجلوه.. ] الآية. تفسيرسورة النحل
التفسير :
[ أتى أمرالله فلا تستعجلوه ] أى قرب قيام الساعة، فلا تستعجلوا العذاب الذي أوعدكم به محمد، وإنما أتى بصيغة الماض لتحقق وقوع الأمر وقربه، قال الرازي : لما كان واجب الوقوع لا محالة، عبر عنه بالماضى كما يقال للمستغيث : جاءك الغوث فلا تجزع
[ سبحانه وتعالى عما يشركون ] أى تنزه الله عن يصفه به الظالمون، وتقدس عن إشراكهم به غيره من الأنداد والأوثان
[ ينزل الملائكة بالروح من أمره ] أى ينزل الملائكة بالوحي والنبوة بإرادته وأمره
[ على من يشاء من عباده ] أى على الأنبياء والمرسلين، وسمى الوحى (روحاَ) لأنه تحيا به القلوب كما تحيا بالأرواح الأبدان


الصفحة التالية
Icon